فنقول : اعلم أنّه قدّمنا أنّ كلّ صورة وجوديّة يتعلّق بها الإدراك ـ على اختلاف مراتبه ـ أنّها (١) عبارة عن اجتماع حقائق معقولة مجرّدة ظهرت بنسبة الاجتماع التابع لحكم أحديّة الجمع الإلهي المذكور ، وذلك الظهور قد يكون في بعض المراتب الوجوديّة ، وقد يكون في كلّها ، فللموجودات الغيبيّة التي هي حروف النفس الرحماني وحروف النفس الإنساني بحسب المراتب الخمس الكلّيّة المذكورة ، وبحسب نظائرها في (٢) المخارج من حيث الحكم التركيبي والتأليف الاجتماعي ، والسرّ الجمعي ـ الذي يصبغ (٣) به المتكلّم عين (٤) الكلام ، ويسري أثره فيما يتكلّم به ـ تداخل ومزج.
والغلبة والظهور في أحوال التركيب إنّما يكون لأحد الأشياء التي وقع بينها ذلك الامتزاج والتأليف ، فأمّا من حيث المرتبة فالحكم الجمعي المذكور ، وأمّا من حيث الظهور الوجودي فالأوّليّة.
فالنقط والإعراب معرّفات لهذه الأمور تعريف تمييز وتعيين ، ومنبّهات على أصولها ، فالنقط للمراتب ، والحركات الإعرابيّة للأحكام والصفات.
وللمراتب الخمس مراتب تالية لها وهي : مرتبة الفعل ، ومرتبة الانفعال ، ومرتبة جامعة تقتضي التكافؤ والاعتدال والمقاومة ، ومظاهرها في النسخة الإنسانيّة : الصوت ، واللسان ، والأسنان ، فافهم.
وكما أنّ المراتب الخمس يكون ظهور حكمها ـ كما قلنا ـ باعتبار الأوّليّة والحكم الجمعي الأحدي ، فكذلك ظهور الأمر في هذه المراتب الثلاث يكون باعتبارين : أحدهما ظهور الغلبة المشار إليها من حيث القوى الروحانيّة ، والآخر من حيث القوى الطبيعيّة ؛ لأنّ اختلاف استعدادات الأعيان ، واختلاف تعلّقات الأسماء وتوجّهاتها لإيجادها يقتضي أنّ بعضها إذا وجد يتعيّن في مراتب الأرواح وينضاف إليها ، وبعضها في مراتب الطبيعة ، والظهور في إحدى المرتبتين المذكورتين أو فيهما معا ـ باعتبارين ومن وجهين ـ يستلزم الانصباغ بحكم إحدى النسبتين ـ وهما : الفعل والانفعال ـ أو الأمر الثالث الجامع باعتبار (٥) ؛
__________________
(١) ب : معقول له.
(٢) ق : من.
(٣) ق ، ه : ينصبغ.
(٤) ق : حين.
(٥) ب : باعتبارين.