مثله ، ولوجب أن يكون الله تعالى مثلا لهذه المعاني تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، لأن الاشتراك في صفة من صفات الذات يوجب الاشتراك في سائر صفات الذات ، بل كان يجب أن يكون كل واحد مثلا لصاحبه ، وكان يلزمهم العلم بصفة الحياة والقدرة وغيرها ، حتى يقع الاستغناء بواحدة منها عن سائرها.
وهذه الدلالة مبنية على أصول :
أحدها ، أنه تعالى إنما يخالف مخالفه بكونه قديما.
والثاني ، أن الصفة التي تقع بها تقع المماثلة عند الاتفاق.
والثالث ، أن الاشتراك في صفة من صفات الذات يوجب الاشتراك في سائر صفات الذات.
فأما الكلام في أنه تعالى إنما يخالف مخالفه بكونه قديما ، فهو أن المخالفة ليس بأكثر من أن لا ينوب غيره منابه فيما يرجع إلى ذاته ، وهذا المعنى ثابت في الله تعالى. فلا يخلو ، إما أن يكون لمجرد كونه ذاتا ، أو لصفة من الصفات. لا يجوز أن تكون المخالفة واقعة بكونه ذاتا فقط لأن غيره من الذوات يشاركه في ذلك. وإن كان بصفة من صفاته ، فلا يخلو ، إما أن يكون بصفات الأفعال والمعاني ، نحو كونه محسنا ومتفضلا ورازقا ومريدا وكارها ، أو بصفة مستحقة للذات. لا يجوز أن تقع المخالفة بصفات الأفعال لأن المخالفة كانت ثابتة فيما لم يزل ولا هذه الصفات ، فلم يبق إلا أن تقع بصفة من صفات الذات. وصفات الذات كونه قادرا عالما حيا موجودا. ثم لا يخلو ، إما أن تقع المخالفة بمجرد هذه الصفات أو بوجوبها. لا يجوز أن تقع بمجردها لأن أحدنا يشارك القديم في مجرد هذه الصفات ، فليس إلا أن تقع بوجوبها. ثم لا يخلو ، إما أن تقع بوجوب مجموع هذه الصفات ، أو بوجوب كل واحدة منها. لا يمكن أن يقال إنها تقع بوجوب مجموعها ، لأن المخالفة إنما تقع بالوجوب وهذا ثابت في كل واحد منها ، فلم يبق إلا أن تقع بوجوب كل واحدة من هذه الصفات ومن جملتها كونه موجودا ، فيجب أن تقع المخالفة بوجوبه ، وفي ذلك ما نريده لأن المرجع بالقدم ليس إلا إلى وجوب الوجود.
وأما الكلام في أن الصفة التي تقع بها المخالفة عند الافتراق ، بها تقع المخالفة عند الاتفاق ، فالذي يدل عليه السواد ، فإنه لما خالف مخالفة بكونه سوادا عند الافتراق ، ماثل مماثلة بتلك الصفة عند الاتفاق يبين. ذلك أنه لما خالف السواد