وجوابنا ، أول ما في هذا ، أن الهواء لو استحال طعاما على يديه لكان لا بد من أن يكون معجزا له فلا يقدح ذلك فيما قلناه.
وبعد فإن الهواء شيء لطيف ، فكيف يستحيل إلى ما يشبع منه العدد الكبير.
وأيضا ، فلو استحال الهواء هناك حطاما لكان يجب أن يستحيل طعاما في سائر المواضع ، ومعلوم خلافه.
ومن الضرب الأول أيضا ، إجابة الشجرة له حين دعاها ، وعودها إلى مكانهما ، ولا شك في كون ما هذا حاله معجزا دالا على صدق من ظهر عليه.
فإن قالوا : ما أنكرتم أنه كان معه جاذب؟
قلنا : فبأي طريق عادت إلى مكانها؟
فإن قالوا : وكان معه دافع أيضا؟
قلنا : لو كان كذلك ، لكان يجب أن يرى الناس ذلك مع شدة حرصهم على التفحيص عن حاله.
وبعد ، فإن الجاذب والدافع إذا اجتمعا كان يجب أن تقف الشجرة ولا تتحرك من مكانها.
ومن الضرب الأول أيضا ، حنين الجذع ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يخطب على جذع قبل أن ينصب له المنبر ، فلما أن نصب له المنبر تحول إلى المنبر ، فحن الجذع حنين الناقة إلى ولدها ، ولم يسكنها حتى احتضنه النبي صلىاللهعليهوسلم فسكن.
فإن قالوا : ما أنكرتم أنه كان في الجذع خروق تتخرق الريح فيه ، فيسمع منه ذلك الصوت شبيها بالحنين؟
قلنا : لو كان كذلك لكان يجب أن يسمع قبل ذلك أو بعده ، ومعلوم أن ذلك لم يكن يسمع إلا في الحال الذي قلناه.
ومن الضرب الأول ، تسبيح الحصى في يده ، فإن ذلك غير مقدور للقادرين بالقدرة. وفي معجزاته عليهالسلام كثرة لو تكلمنا على جميعها لطال الكلام.
وقد ذكر رحمهالله بعد هذه الجملة ، أنه تعالى كما جعل القرآن معجزا دالا على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقد جعله دليلا لنا على الأحكام ، وأوجب علينا الرجوع إليه في