تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) على قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) وقوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) إلى قوله : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)) وهكذا الحال في غيرهما من الآيات المتشابهة والمحكمة.
فهذا هو الذي يجب أن يكون عليه المفسر من الأوصاف.
وأما من عداه من المكلفين ، فالذي يلزمه في القرآن أن يعتقد أنه كلام رب العزة على ما قاله جل وعز : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) وأن محكمه يوافق متشابهه ، وأنه لا تناقض فيه ولا كذب ، وأنه محروس عن المطاعن ، لا زيادة فيه ولا نقصان ، وأن يؤمن به على الجملة.
إن سأل سائل فقال : أليس من مذهبكم أن القرآن مما يعرف المراد بظاهره ، فكيف احتاج والحال ما قلتموه إلى التفسير وهلا دلكم ذلك على ما قاله أصحاب الوقف والروافض ، الذين يقولون : إنه مما لا يعلم تأويله ولا المراد بظاهره.
قيل له : إن احتياج القرآن إلى مفسر بلفظ أوضح منه مما لا يخرجه عن إمكان أن يعرف المراد بظاهره ، لو لا ذلك وإلا كان لا يمكن المفسر أن يفسره وكان لا يكون التفسير تفسيرا له ، فما ذكرتموه غير قادح فيما قلناه. وإنما احتيج إلى تفسير القرآن ، لأن دعوة النبي عليهالسلام انتشرت في عالم الله تعالى وبلغت العالم ولم تقتصر على العرب ، فلم يكن بد من أن نفسر لهم ذلك حتى يمكنهم معرفته ، كما أنا إذا أردنا أن نفهم العرب ما نقوله بلساننا فلا يمكننا ذلك إلا بأن نفسره لهم ، كذلك هاهنا.
فهذه جملة الكلام في الأصل الثاني.