ودواعيهم ، إن شاءوا فعلوها وإن كرهوا تركوها؟ فلو جاز والحال هذه أن لا تكون أفعال العباد من جهتهم لجاز في أفعال الله تعالى ذلك ، فإن بهذه الطريقة يعرف أن الفعل فعل لفاعله.
وبعد ، فلو كانت مخلوقة لله تعالى لما استحق العباد عليها المدح والذم والثواب والعقاب.
وأيضا ، فلو كانت أفعال العباد كلها بقضاء الله تعالى وقدره للزم الرضا بها أجمع وفيها الكفر والإلحاد ، والرضى بالكفر كفر.
فإن قيل : إنا نرضى بالكفر من حيث خلقه الله تعالى ولا نرضى به من حيث أنه قبيح فاسد مناقض.
قلنا : دعنا من هذه الترهات ، أو ليس أن الكفر على سائر أوصافه وجهاته وقع بالله تعالى وبقضائه وقدره فكيف رضيتم به من وجه دون وجه؟
فإن قيل : الرضا بقضاء الله تعالى واجب ، وإنما يجب على الجملة لا على التفصيل فلا يلزم ، قلنا إذا كان لا فعل من أفعال العباد حقا كان أو باطلا إيمانا كان أو كفرا إلا وهو بقضاء الله وقدره ، فقولكم : نرضى بجملته نرضى بتفصيله مناقضة كمناقضة الملحدة ، الذين يقولون إن لكل واحدة من حركات الفلك أولا وليس لجملتها أول ، فكما أن ذلك خلف كذلك هنا ، هذا إذا أريد بالقضاء والقدر والخلق.
فإذا أريد به الإيجاب وقيل هل تقولون بأن أفعال العباد بقضاء الله تعالى وقدره ، كان كالجواب أن في الأفعال ما لا يجب بل لا يحسن ، فكيف أوجبه الله تعالى وقضاه وقدره؟
وإذا أريد به الإعلام والإخبار ، فإن ذلك يصح على بعض الوجوه ، غير أنه لا يجوز له إطلاق هذه العبارة لما قد بينا أن العبارة متى كانت مستعملة في معنيين أحدهما صحيح والآخر فاسد فإنه لا يجوز إطلاقه إلا لمن ثبتت حكمته وصح عدله ، فأما الواحد منا ولو لم يثبت ذلك فيه فلا. فهذه جملة الكلام في هذا الفصل.
فصل
وقد اتصل بهذه الجملة الكلام في من القدرية من الأمة :
اعلم أن القدرية عندنا إنما هم المجبرة والمشبهة ، وعندهم المعتزلة ، فنحن