شيئا ، بل يبادر إلى كل فعل يشهر مخالفته للخليفة يزيد ، فيأخذ ما أرسله والي اليمن إلى الخليفة من تحف وعطور ويعلن بفعله هذا عدم شرعية تصرف الخليفة ، وكذلك يفعل كلّ ما يتمّ به الحجّة على من اجتمع به أو بلغه خبره ، ويبالغ في ذلك ، وأخيرا يستقبل بالماء جيش عدوّه وقد أجهده العطش في صحراء لا ماء فيها يرويهم ويروي مراكبهم ، ولا يقبل أن يباغت هذا الجيش بالحرب ، بل يتركهم ليكونوا هم الذين يبدءوه بالحرب ، ثم انه يتمّ الحجّة على هذا الجيش ويخاطبهم بعد أن يؤمّهم بالصلاة ويقول :
معذرة إلى الله عزوجل وإليكم ، إنّي لم آتكم حتّى أتتني كتبكم ، وقدمت عليّ رسلكم أن أقدم علينا فانّه ليس لنا امام لعلّ الله يجمعنا بك على الهدى ، فان كنتم على ذلك ، فقد جئتكم ، فان تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم ، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين ، أنصرف عنكم.
وقال في خطبته الثانية :
إن تتّقوا وتعرفوا الحقّ لاهله يكن أرضى لله ، ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان ...
وأتمّ الحجّة أيضا على أصحابه وخطب فيهم وقال :
ألا ترون الحقّ لا يعمل به وانّ الباطل لا يتناهى عنه؟! ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّا ، فانّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة (١) مع الظالمين إلّا برما.
فقال له أصحابه : والله لو كانت الدنيا باقية وكنّا فيها مخلّدين إلّا أنّ فراقها في نصرك ومواساتك لآثرنا الخروج معك على الاقامة فيها.
وقال في جواب اقتراح الطرمّاح أن يذهب إلى جبلي طيّ فيدافع عنه
__________________
(١) في الطبري (إلّا شهادة ولا الحياة) تصحيف.