المكان الذي أتى منه أو يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، وبذلك لا يبقى أيّ خطر منه على حكمهم كما كان شأن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد مع أبيه الإمام علي (ع) حين لم يبايعوه ، فلمّا أبى عليه جيش الخلافة إلّا أن يبايع وينزل على حكم ابن زياد ، أبى ذلك واستعدّ للقاء الله ؛ ولإتمام الحجّة على جيش الخلافة من أهل العراق ، وعلى أصحابه خاصّة ، طلب منهم عصر التاسع من محرّم أن يمهلوه ليلة واحدة ليصلّي لربّه ويتضرّع ويتلو كتابه فانّه يحبّ ذلك ، وبعد لأي لبّوا طلبه فجمع أصحابه ليلة العاشر من محرّم وخطب فيهم وقال في خطبته :
ألا وانّي أظنّ أن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا وانّي قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حلّ ، ليس عليكم منّي ذمام ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كلّ واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعا خيرا ، وتفرّقوا في سوادكم ومدائنكم فانّ القوم إنّما يطلبونني ، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري.
فقال له الهاشميّون :
لم نفعل ذلك؟! لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبدا!
والتفت إلى بني عقيل وقال :
حسبكم من القتل بمسلم ، اذهبوا قد أذنت لكم!
فقالوا : .. لا والله لا نفعل ، ولكن نفديك بأنفسنا ، وأموالنا وأهلينا ، نقاتل معك حتى نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك!.
ثمّ تكلّم أنصاره فقال مسلم بن عوسجة :
أنحن نخلّي عنك؟! وبما ذا نعتذر إلى الله في أداء حقّك؟ أما والله لا أفارقك حتّى أطعن في صدورهم برمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في