سحرهم أنّها تسعى ، احتالوا في تحريك العصا والحبال لأنّهم جعلوا فيها من الزئبق ، فلمّا طلعت الشمس عليها ، تحرّكت بحرارة الشمس ـ ومثلها الكثير من أنواع الحيل والتمويه والتلبيس ـ وخيّل للناس أنّها تتحرّك كما تتحرّك الحيّة ، وإنّما سحروا أعين الناس لأنّهم أروهم شيئا لم يعرفوه ، ولو كانت حيّات حقيقيّة لقال الله تعالى ذلك ، حيث قال الله سبحانه وتعالى : (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) ، ولم يقل عزوجل «فلما ألقوا صارت حيّات» ثمّ قال تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) (١) أي ألقاها فصارت ثعبانا فإذا هي تبتلع ما يأفكون فيه من الحبال والعصي ، وإنّما ظهر ذلك للسحرة على الفور ، لأنّهم لمّا رأوا تلك الآيات والمعجزات في العصا ، علموا أنّه أمر سماويّ لا يقدر عليه غير الله تعالى ... فاعترفوا كلّهم ـ أي السحرة ـ واعترف كثير من الناس معهم بالتوحيد ، والنبوّة ، وصار إسلامهم حجّة على فرعون وقومه (٢).
هذا ، وإنّ العقلاء يميّزون بين السحر والحيلة والمعجزة ولا يشكّون في المعجزة وأنّه ليس فيها وجه من السحر أو الحيلة أو .. ، كمعجزة قلب العصا حيّة ، وإحياء الميت ، وكلام الجمادات والحيوانات من البهائم والسباع والطيور و..
المعجزة والكرامة
الكرامة : هي أيضا أمر خارق للعادة أو للمألوف ، يخصّ الله عزوجل بها بعض عباده من الذين أخلصوا لله عزوجل في عبادتهم وهم نخبة ممّن نالوا الدرجات العلى مثل : سلمان الفارسي ، وعمّار بن ياسر ، وأويس القرني و...
__________________
(١) الاعراف : ١١٧.
(٢) للمزيد من الامثلة انظر الخرائج والجرائح ٣ : ١٠٢٠ ـ ١٠٢٢.