الإلهي».
وخلاصة ذلك : انّ عالم الوجود لا يقف موقف اللامبالاة من عمل الإنسان وتصرّفاته ، بل انّ عمل الإنسان وتصرفه يستدعي ردة فعل مناسبة من قبل عالم الوجود فالعمل الصالح يستدعي ردة فعل حسنة ، والسيّئ ردة فعل سيّئة ، فالحسنة تجزى بالحسنة والسيّئة بالسيّئة.
توضيح ذلك : أنّ جميع الاتّجاهات الفكرية ، تنظر إلى العالم ـ باستثناء الإنسان وباقي الحيوانات ـ على أنّها وجودات جامدة فاقدة للشعور والإدراك ، ويرون أنّ موقف العالم بالنسبة إلى الأعمال الصالحة والحسنة هو موقف اللامبالاة ، فسواء قام الإنسان بالأعمال الحسنة أو اقترف الموبقات والسيّئات فلا يحدث ذلك أيّ ردة فعل من قبل الأرض ولا من قبل السماء ، فلا فرق بالنسبة إلى المجتمع بين ظلم الحكام وعدوانهم واستهتارهم بالقيم وتهوّرهم وبين عدل الصالحين والطاهرين واستقامتهم.
إلّا أنّ النظرية القرآنية على العكس من ذلك تماماً حيث يرى القرآن الكريم أنّ جميع الموجودات ذات شعور وإدراك خاص ، وأنّ العالم لا يعيش حالة اللامبالاة بالنسبة إلى عمل الإنسان وتصرفاته. كما أنّ القرآن الكريم يعتقد أيضاً انّ هذا البُعد من أبعاد المجتمع غير قابل للإدراك من خلال مرآة القلب فقط ، يقول سبحانه :
(... وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ...). (١)
ولكن ما هي كيفية هذا الإدراك والشعور ، وكيفية هيمنته على العالم؟ وما هو
__________________
(١). الإسراء : ٤٤.