نوع العلاقة بين العمل الصالح والطالح للإنسان وردة الفعل الكونية الصالحة والسيّئة؟ انّ كلّ ذلك من الأُمور الخفية التي لا سبيل لنا لإدراكها إلّا من خلال طريق واحد وهو الذي عبّرت عنه الآية : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ...) (١) وإن كانت حقيقة ذلك بالنسبة إلينا واضحة وجلية ، ولكن الكلام في الكيفية ونوع العلاقة.
وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تشهد على وجود هذا البعد الثالث نذكر منها على سبيل المثال :
١. (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). (٢)
فالآية صريحة في أنّ لأعمالنا الحسنة والسيّئة تأثيراً في فتح أبواب رحمة الله سبحانه وإغلاقها ، وفتح وغلق بركات السماوات والأرض ، كما أنّ الإنسان لم يتوصّل بالفعل إلى جميع علل وأسباب وأسرار العالم حتّى يمكنه حينئذٍ إنكار تأثير تلك الأعمال وعلّيتها.
يقول النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا كثر الزنا ، كثر موت الفجأة» ، ولا ريب انّ الإنسان لم يدرك حتى الآن العلاقة بين الزنا وبين الموت المفاجئ ـ أو ما يصطلح عليه علمياً السكتة القلبية أو الدماغية ـ ولا طريق للإنسان لكشف هذه الحقيقة المجهولة إلّا من خلال الوحي الذي يقدر على إزاحة الستار عنها وكشف الحقيقة التي لم يتمكّن العلم ـ مع تطوره الفائق ـ إلى الوصول إليها ،
__________________
(١). البقرة : ٣.
(٢). الأعراف : ٩٦.