فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) (١)
إنّ هذه الآية ونظائرها تصرح بأنّ الإنسان هو الذي يصنع مصيره وتصرّح بإرادته واختياره ، ولذلك لا يمكن أن نقول بأنّ شخصية الفرد تذوب وتفنى في المجتمع بصورة كاملة.
٣. ولكن من جهة أُخرى نرى القرآن يؤكد أنّ العوامل الاجتماعية تؤثر في حياة الإنسان ، ولذلك يدعو ويحثّ الناس لتطهير المجتمع من خلال فريضة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ويحذر الناس من فتنة خطرة تعمّ الجميع حيث يقول سبحانه :
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ...). (٢)
كما أنّ للإمام الباقر عليهالسلام في هذا المجال كلاماً قيّماً يُعدّ من جواهر الكلام ودرره حيث يقول عليهالسلام :
«فأنكروا بقلوبكم ، وألفظوا بألسنتكم وصكّوا بها جباههم ، ولا تخافوا في الله لومة لائم ... فجاهدوهم بأبدانكم ، وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطاناً ولا باغين مالاً». (٣)
فإذا كانت إرادة الفرد أسيرة لإرادة المجتمع وذائبة فيها ، فلا معنى حينئذٍ لمثل هذا الطلب والحثّ على الجد والمثابرة والسعي من أجل تزكية النفس ومواجهة الظالمين والمنحرفين.
وأخيراً نؤكّد على نكتة مهمة جداً وهي انّ الاعتقاد بوجود هذا البعد
__________________
(١). النساء : ٩٧.
(٢). الأنفال : ٢٥.
(٣). الكافي : ٥ / ٥٦.