بعد ابن خلدون علماء ومفكّرون واصلوا المسير في هذا المجال حتّى تمّت أركان هذا العلم وظهر في الساحة كعلم مستقل له أُسسه وقوانينه.
يوجد إلى جانب هذا العلم علم آخر هو «علم الاجتماع» يقترب بنحو خاص من علم فلسفة التاريخ ، ولكن يوجد تفاوت أساسي وواضح بين العلمين ، فبما أنّ علم فلسفة التاريخ يدرس القوانين الكلية التي تحكم المجتمع والتاريخ ، فلذلك لا محيص من مطالعة ودراسة التاريخ البشري بصورة كاملة وتامّة ، ثمّ معرفة القوانين الكلّية التي تحكمه وتسيطر عليه ، ولا يمكن أبداً الاكتفاء بدراسة مقطع خاص من التاريخ أو دراسة تاريخ مجتمع خاص من المجتمعات البشرية بصورة مبتورة عن التواريخ أو المجتمعات الأُخرى.
وليس الأمر كذلك في «علم الاجتماع» ، إذ يكتفي العالم الاجتماعي بدراسة الحوادث والتحوّلات والمشاكل الحاكمة على مجتمع ما ، إذ بإمكانه أن يأخذ مقطعاً زمانياً أو مكانياً خاصاً ويسلّط الأضواء عليه طبقاً لقوانين علم الاجتماع.
فعلى سبيل المثال : بإمكان العالم الاجتماعي دراسة المجتمع الإيراني في العصر الراهن قبل الثورة الإسلامية أو ما بعدها حيث بإمكانه أن يسلّط الأضواء على المسائل الاجتماعية والمشاكل الموجودة من قبيل مشكلة الإقطاعيّين والفلاحين ، وأصحاب المصانع والعمّال ، والطبقات الأُخرى من كأصحاب الشهادات ـ الدبلوم والبكالوريوس والماجستير و ... ـ وكذلك مسألة العاطلين عن العمل ، وغير ذلك من القضايا الاجتماعية ، وأمّا دراسة العوامل المحركة للتاريخ والقوانين الكلية الحاكمة على المجتمع فإنّها من مهام