التي من أهمّها التوبة والندم ، وانّ تأثير باقي العوامل أقلّ من تأثير التوبة والندم.
يقول سبحانه في آية أُخرى :
(... وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (١)
إنّ هدف التوبة ـ بمعنى التوجّه إلى الله سبحانه ـ لا ينحصر في الندم على الذنب والمعصية ، بل ـ وكما سنوضح ذلك لاحقاً ـ انّ عودة الأنبياء والأولياء إلى الله سبحانه تشملها الآية الداعية إلى العودة إلى الله والتوبة بصورة مطلقة والتي طرحت التوبة باعتبارها أصلاً كليّاً وعامّاً.
وبالالتفات إلى هذا الوعد والعناية الشاملة ، وقع البعض في حيرة وإشكال في فهم حكمة هذا التشريع ، ولذلك أطالوا التفكير في المسألة وخلصوا إلى أنّ : الإعلان عن قبول التوبة يمثّل في واقعه دعوة إلى ارتكاب الذنوب واقتراف المعاصي ، إذ بإمكان العباد الاتّكاء على هذا الأصل واقتراف المعاصي على أمل التوبة من الذنوب في المستقبل ، لأنّ الباب مفتوح أمامهم ولا داعي إلى إلزام أنفسهم من الأوّل بالطاعات والعبادات ، بل لهم أن يلتذّوا بما حرّم الله فترة من عمرهم ثمّ بعد ذلك يتوجّهون إلى الله بالتوبة والإنابة والله غفور رحيم.
وبالطبع انّ هذا الإشكال لا يختص بتشريع التوبة فقط ، بل أنّ هذا التفكير الساذج يصدق في كلّ عمل اعتبره الإسلام سبباً وعاملاً في غفران الذنوب ، فعلى سبيل المثال : إنّ المخالفين لفكرة الشفاعة تعلّقوا بنفس الإشكال المطروح ، وبما أنّ بحث سر وحكمة الشفاعة يبحث في محله ، نكتفي هنا في البحث عن حكمة وفلسفة تشريع «التوبة» وبالطريقة التالية :
__________________
(١). النور : ٣١.