من الصفات البارزة التي وصف القرآن الكريم بها الأنبياء هي صفتي الرجاء والأمل بالوعد والرحمة الإلهية والخوف والخشية من عذابه سبحانه فهم عليهمالسلام يعيشون بين الخوف والرجاء ، ففي الوقت الذي يستشعرون حالة الخوف من عذاب البرزخ ترنو أبصارهم إلى جنة الخلد التي وعد بها المتّقون ، وقد عبّر سبحانه عن هذه الخصلة الحميدة للأنبياء والأولياء بقوله :
(... وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ). (١)
وأنت إذا لاحظت آيات الذكر الحكيم تجد أنّها دائماً تتحدّث عن البرزخ والعذاب وتقرنه بالحديث عن الجنة والنعيم الإلهي ، انّ هذا التقارن يحكي أنّ مجال التربية والإصلاح وتهذيب أخلاق الإنسان وسوقه إلى الله وإلى الخصال الحميدة لا يتم من خلال التخويف والإنذار والتهديد فقط ، بل لا بدّ أن تنمّى إلى جانب ذلك حالة أُخرى وهي حالة بعث الأمل والرجاء في النفوس ، ويقال للعباد : إن كان لله سبحانه عذاب ونار فإنّ لديه أيضاً جنة ونعيماً لكي لا يحوم الإنسان حول الرذائل والقبائح وينفض عن كاهله غبارها ودنسها فيما إذا كان قد ارتكب في يوم ما شيئاً منها ، ولا ييأس ولا يقنط من رحمة الله الواسعة ، ويعيش حياته بين الرجاء والخوف.
ولقد وصف القرآن الكريم الأنبياء والرسل بأنّهم المنادون بالخوف والرجاء وبالعذاب والرحمة حيث قال سبحانه :
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ...). (٢)
__________________
(١). الأنبياء : ٩.
(٢). البقرة : ٢١٣.