وقال سبحانه أيضاً : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). (١)
فإذا اتّضح انّ المراد من الهداية هو تهيئة وتوفير سبل السعادة ووسائل الرشاد لمن استفاد من الهداية العامة وتثبيتهم وتسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة. وانّ المراد من الضلالة هو منعهم وحرمانهم من هذه المواهب وخذلانهم في الحياة وإيكالهم إلى أنفسهم ، من هنا نجد أنّ طائفة من آيات الذكر الحكيم التي تتعلّق بالضلالة تقول :
(وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ ...) (٢)
و (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ). (٣)
(... كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ). (٤)
فهذه الآيات ونظائرها في القرآن الكريم كثيرة جداً حيث تبيّن وبوضوح تام العلّة والسبب في ضلال هؤلاء إذ تقول : لأنّهم ظالمون ومسرفون وكافرون ومرتابون و ... فلذلك فهم ضالّون ، وهذا يعني وبوضوح أنّهم لم يستفيدوا من تلك الإمكانات والمواهب التي منحهم الله سبحانه إيّاها في مرحلة الهداية العامة ، فلذلك لم يقعوا مورداً للعناية الإلهية الخاصة ولم يشملهم ذلك اللطف وتلك الرحمة الإلهية حيث منعهم سبحانه من تلك المواهب التي أفاضها في مرحلة الهداية الخاصة ، لأنّهم ـ وبسبب فسقهم وظلمهم وإسرافهم ـ لم يكونوا جديرين بهذا اللطف الإلهي الخارج عن العادة.
__________________
(١). العنكبوت : ٦٩.
(٢). إبراهيم : ٢٧.
(٣). غافر : ٣٤.
(٤). غافر : ٧٤.