١. لقد أثبتت البحوث العلمية أنّ بدن الإنسان بمنزلة العين الجارية ، بحيث يتحوّل وفي ضوء الفعل والانفعالات الطبيعية وبصورة مستمرة من حالة إلى أُخرى ، حيث تنمو أجزاء جديدة من جهة وتفنى في مقابلها أجزاء أُخرى غيرها ، بل توصل العلم إلى أدق من ذلك حيث اكتشف انّ الإنسان ينزع بدنه ويبدله ببدن آخر في كلّ ثمانية أعوام من عمره ، فالإنسان الذي يعمّر أربعة وستين عاماً يستبدل بدنه خلال هذه الفترة ثماني مرّات ينزع ثوباً ويرتدي ثوباً غيره حاله حال العين النابعة التي لا يقف نبعها ، من هنا نعلم أنّ عملية التحوّل والتبدّل مستمرة ومتواصلة في حياة الإنسان ، إلّا أنّها تتم بصورة تدريجية وعلى امتداد فترة طويلة لا يشعر بها.
فلو فرضنا أنّ البدن الأخير أصبح طعمة لإنسان آخر ، فهذا لا يعني أنّ الأبدان الأُخرى للإنسان اقترنت بالمانع ، إذ من الممكن أن يبعث الإنسان وينشر يوم الحساب بأحد الأبدان الأُخرى ، وحتى لو فرضنا أنّ بقية الأبدان كالبدن السادس أو السابع مثلاً تصدق فيها شبهة الآكل والمأكول ، فلا شكّ أنّ بقية الأبدان ليست كذلك ، إذ من المستبعد جداً أنّ جميع أبدان الإنسان نابتة من بدن إنسان آخر وانّها عرضة للإشكال المطروح.
٢. لو افترضنا أنّ البدن الأخير وما تقدّمه من الأبدان قد ابتلي بنفس المصير وانّه صادف المانع وأصبح جزءاً من إنسان آخر ، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ولكن من الواضح أنّه ليس عامّة الأجزاء من كلّ بدن مأكولاً لفرد آخر ، وإنّما يطرح القسم الأكبر منه خارجاً ، ويبقى جزء قليل منه ضمن البدن الآخر ، وعندئذٍ فما هو المانع أن يحشر هذا الإنسان ولو ببدن نحيف ، إذ اللازم أن يبعث الإنسان بنفس البدن الدنيوي ، ولا يوجد دليل شرعي يدلّ على اشتراط بعثة الإنسان بعين بدنه الدنيوي من ناحية السمن والضعف ، فلو بعث الإنسان ببدن