الف : تعدّد البدن ، البدن الأوّل الذي انسلخت وخرجت منه الروح ، والبدن الثاني الذي استقرت وتعلّقت به. سواء كان البدن الثاني خلية نباتية ، أو نطفة حيوانية ، أو جنيناً إنسانياً أو كان حيواناً كامل الخلقة.
ب : رجوع النفس إلى الوراء وانحطاطها من درجة الكمال السابقة إلى درجة الحقارة والذلّة ، كما إذا تعلّقت بالخلية النباتية أو النطفة الحيوانية أو الجنين الإنساني.
ومن المعلوم أنّ كلا الشرطين غير متوفرين هنا :
أمّا الأوّل : فلعدم تعدّد البدن هنا ، لأنّ البدن هو نفس البدن ، إذ المفروض انّ نفس الإنسان الطاغي والمتكبّر والمتمرّد على الله سبحانه وأوامره ، يمسخ قرداً أو خنزيراً ، أي أنّ نفس الممسوخ قد تبدّلت صورته إلى صورة أُخرى ، وانقلبت صورته البهية إلى صورة رديئة. وفي الواقع انّه لا يوجد هنا إلّا بدن واحد ، وانّ الذي تغيّر هو الصورة فقط.
أمّا الثاني : انحطاط النفس ، فهو منتف أيضاً ، لأنّه لا يوجد سير قهقرى للنفس ، وذلك لأنّ الهدف من المسخ هنا هو عقاب هذه الطائفة المستكبرة والعاتية ، ليروا أنفسهم بصورة القردة والخنازير ، والمقصود من ذلك تعذيبهم وإيلامهم وجزاؤهم جزاءً سيئاً ، ولا يتحقّق هذا العذاب إلّا إذا كانوا على نفس الدرجة من الإدراك والشعور الإنساني ليدركوا الحالة التي انقلبوا إليها ، وأمّا إذا تحوّلت نفوسهم إلى نفوس حيوانية (نفس قردية أو نفس خنزيرية) فلا تدرك هذا التحوّل أبداً ، ولا يكون في المسخ حينئذٍ أيّ تعذيب أو إيلام لهم. بل على العكس من ذلك فإنّهم يعيشون حالة الانشراح والسعادة ، لأنّ النفس القردية بالنسبة للقرد كمال والنفس الخنزيرية بالنسبة للخنزير كمال.