ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة بقوله سبحانه :
(فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (١). (٢)
وكما ذكرنا أنّ الهدف من عملية المسخ هذه هو جزاؤهم وعقوبتهم ليكونوا عبرة وموعظة للآخرين وانّ الهدف الأوّل إنّما يتحقّق فيما إذا بقي الإنسان الممسوخ محافظاً على حالاته النفسية وإدراكاته الشعورية. (٣)
وبعبارة أُخرى : انّ حقيقة المسخ وواقعيته عبارة عن انقلاب الإنسان إلى صورة الحيوان (القرد أو الخنزير) مع التحفّظ على إنسانيته ، وليس المراد منه أنّه بالإضافة إلى التحوّل والتغيّر الظاهري والمسخ في الصورة ، تمسخ نفوسهم وإنسانيتهم وتتحوّل أرواحهم إلى روح قرد أو خنزير. (٤)
__________________
(١). البقرة : ٦٦.
(٢). الاستدلال بالآية المباركة مبني على أنّ المقصود من كلمة «ما» هو الذنوب ، سواء التي تقدّمت على الاصطياد أو الذنوب التي تأخّرت عنه ، والحال أنّ البعض قد ذهب إلى أنّ المقصود من كلمة «ما» هي الأُمم المعاصرة والأُمم اللاحقة ، فعلى هذا الوجه لا مناص من تفسير قوله تعالى : (نكالاً) بمعنى العبرة والموعظة ، وحينئذٍ تكون جملة (مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) تكراراً لما قبلها. انظر تفسير مجمع البيان : ١ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، ط دار المعرفة.
(٣). انظر : شرح المقاصد : ٢ / ٣٩ ؛ بحار الأنوار : ٥٨ / ١١٣ ، ط بيروت ؛ الميزان في تفسير القرآن : ١ / ٢١.
(٤). منشور جاويد : ٩ / ٢٠٣ ـ ٢٠٥.