نقصده ، ونحن هنا نتعرض لبيان علامتين من تلك العلامات التي وردت في سور مختلفة من القرآن الكريم ، قال تعالى :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ). (١)
توضيح ذلك : «الأشراط» جمع «شرط» على وزن صدف بمعنى العلامة ، يقول ابن منظور في «لسان العرب» : شرط ـ بفتح الراء ـ بمعنى العلامة ، وجمعه : أشراط ، وأشراط الساعة : علائمها. (٢)
فهذه الآية تخبر وبوضوح عن تحقّق بعض أشراط الساعة ، وهنا يطرح السؤال التالي : ما هي تلك الأشراط والعلائم التي تمّ تحقّقها؟
إنّ هذه الآية وآيات أُخرى لا توضح لنا الإجابة عن هذا التساؤل ، ولكنّ المفسّرين يقولون إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد فسّر هذه الآية بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«بعثت أنا والساعة كهاتين» (٣). (٤)
وهنا يرد سؤال آخر وهو : كيف يمكن أن تُعدّ بعثة النبي الأكرم من علائم القيامة مع أنّنا نرى أنّ الفاصل الزماني بينهما ليس بالقليل؟!
والجواب عنه : إنّنا إذا قسنا ما بقي من عمر الدنيا بالنسبة إلى ما فني منها وعرفنا أنّ العالم تجاوز مرحلة النضوج وهو في طريقه إلى الهرم ، فلا ريب أنّ العمر الأكبر قد مضى ولم يبق إلّا شيء قليل ، ومع الالتفات إلى هذه النسبة يمكن القول : إنّه لم يبق إلى قيام الساعة إلّا شيء قليل ، وحينئذٍ يصحّ اعتبار البعثة من
__________________
(١). محمد : ١٨.
(٢). لسان العرب : ٧ / ٣٢٩ ، مادة «شرط».
(٣). بحار الأنوار : ٢ / ٢٦٣ ، الحديث ١٢ ، وج ١٦ / ٢٥٦ ، الحديث ٣٦.
(٤). مجمع البيان : ٥ / ١٠٢.