وقد ردّ القرآن الكريم عليهم في ضمن مجموعة من الآيات من ضمنها هذه الآية التي هي مورد بحثنا ، وهي أنّ المسيح لا يمتلك أيّ صفة من صفات الإله ، بل انّ وجوده عليهالسلام أحد أسباب وعوامل التعرّف على اقتراب الساعة.
وبالطبع انّ القراءة المشهورة للآية (عِلْم) على وزن (حلم) يفيد انّها سبب للعلم والمعرفة ، وأمّا على قراءة (عَلَم) على وزن (سلف) فحينئذٍ تفيد الآية معنى العلامة ، ويكون وجود المسيح عليهالسلام علامة على تحقّق القيامة.
ولكنّ هناك بحثاً آخر وهو : متى يكون المسيح من أعلام الساعة؟ فهل المراد حين تولّده ثمّ بعثه إلى بني إسرائيل؟ أو أنّ المراد زمان آخر غير ذلك الزمان؟
الروايات الواردة في هذا المجال تقول : إنّ السيد المسيح عليهالسلام سوف ينزل إلى الأرض حين ظهور الإمام المهدي المنتظر ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ ويقتدي به ، وبذلك يكون ظهور المسيح عليهالسلام من أشراط الساعة ، وقد روى ذلك محدّثو السنّة والشيعة ، حيث جاء في الحديث :
«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم». (١)
وفي الآية احتمال آخر وهو : انّ عيسى يعلم به الساعة في خلقه من غير أب وإحيائه الموتى ، فيعلم به أنّ الساعة ممكنة فلا تشكّوا في الساعة ولا ترتابوا فيها البتة. (٢)
وحينئذٍ يكون معنى الآية : انّ مجموع حياة السيد المسيح يُعدّ أحد علامات إمكان القيامة فلما ذا تشكّون فيها؟ وإذا من المفكّرين في السيد المسيح عليهالسلام ، ففكّروا فيه من هذه الزاوية ومن هذه النكتة لا أن تنظروا إليه على أنّه معبود وإله
__________________
(١). جامع الأُصول : ١١ / ٤٧ ، باب أشراط القيامة ، الحديث ٧٨٠٨.
(٢). تفسير الميزان : ١٨ / ١١٨.