ثالثاً : ويمكن الإجابة عن التساؤل المطروح بجواب ثالث وهو : انّ الأعمال في هذا العالم لها صورة خاصّة ، ولها صورة أُخرى في عالم البرزخ وفي القيامة ، بمعنى أنّ الشيء الواحد وتبعاً لشروط خاصة يتجلّى بصور مختلفة ، ويمكن استكشاف هذا الدليل من خلال الواقعة التالية :
إنّ رجلاً أتى عثمان بن عفان ؛ وبيده جمجمة إنسان ميت ، فقال : إنّكم تزعمون النار يعرض عليها هذا ، وإنّه يعذّب في القبر ، وأنا وضعت عليها يدي فلا أحسّ منها حرارة النار!! فسكت عنه عثمان ، وأرسل إلى علي بن أبي طالب المرتضى يستحضره ، فلمّا أتاه وهو في ملأ من أصحابه ، قال للرجل : أعد المسألة ، فأعادها ، ثمّ قال عثمان بن عفان : أجب الرجل عنها يا أبا الحسن!
فقال علي عليهالسلام : ايتوني بزند وحجر ، والرجل السائل والناس ينظرون إليه ، فأُتي بهما ، فأخذهما وقدّح منهما النار ، ثمّ قال للرجل : ضع يدك على الحجر فوضعها عليه ، ثمّ قال: ضع يدك على الزند ، فوضعها عليه ، فقال : هل أحسست منهما حرارة النار؟! فبهت الرجل. (١)
وعلى هذا الأساس يكون القول بأنّ بعض الثواب والعقاب تجسّم للأعمال الحسنة والسيّئة والتي تتجلّى تحت ظروف خاصة بشكل وصور أُخرى.
__________________
(١). الغدير : ٨ / ٢١٤.