ثمّ قال سبحانه :
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
وقال سبحانه :
(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ). (١)
وجاء في آية أُخرى :
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ). (٢)
إنّ هذه الآيات الأربعة هي الآيات الأُولى التي شرّعت أمر الجهاد ، وقد أُشير فيها إلى فلسفة الجهاد والغرض المتوخّى من تشريع ذلك الحكم ، ولذلك يكون الإمعان في تلك الآيات أمراً ضرورياً لمعرفة هدف الجهاد وفلسفته ، وهي :
أوّلاً : أنّ الآيات تبيّن وبوضوح أنّ المسلمين لم يكونوا هم الذين اختاروا طريق الحرب والقتال وشهر السلاح في وجه خصومهم ، بل انّ المسلمين اضطروا إلى الدفاع عن أنفسهم وأموالهم ومعتقدهم ، فهم في الواقع مدافعون لا مهاجمون ، ولا شكّ أنّ الدفاع عن النفس والمال والمعتقد حق طبيعي وأمر مشروع ، بل واجب بحكم العقل ، وإلّا فانّ النكوص والهروب من الحرب لا يعني إلّا الذل والهوان ،
__________________
(١). الحج : ٣٨ ـ ٤٠.
(٢). الحج : ٤١.