دوافع أُخرى وحاجات أُخرى تفرض إقامة الدولة ، فلا بدّ للمفكّر الاجتماعي أو الفلسفي أن ينطلق من ثوابت موضوعية وينظر إلى القضية من جميع الزوايا ثمّ يصدر حكمه في مثل هذه القضايا الحسّاسة جداً.
ونحن إذا نظرنا إلى حقيقة الإنسان نجده يمثل خليطاً من العقل والغرائز المتنوّعة ، كغريزة حب الجاه والتسلّط والأنانية وغيرها من الغرائز الفاعلة في حركة المجتمع ، الأمر الذي يقتضي وجوب إقامة الدولة وتشكيل الحكومة لتعريف الناس بوظائفهم وحقوقهم وواجباتهم ، ومعاقبة المخالفين والمتجاوزين على القانون وإعادة الحقوق المهدورة إلى أصحابها ، وإقامة النظم والانضباط في المجتمع ، ولا ريب انّ هذه المهام التي تقوم بها الدولة تهيّئ الأرضية المناسبة لإقامة الحضارة الإنسانية وتطوّر الإنسان على جميع الأصعدة المادّية منها والمعنوية.
ونحن هنا نسأل ماركس وأتباعه ، هل يمكن للمجتمع ـ حتى على فرض إقامة النظام الشيوعي فيه ـ أن يستغني عن تأمين السكن ، أو الصحة أو الاتصالات الهاتفية أو الطاقة الكهربائية أو الماء و ...؟ ولا ريب أنّه لا يوجد عاقل مهما كان مكابراً أن ينفي حاجة المجتمع إلى كلّ تلك الأُمور الضرورية.
وهنا يطرح التساؤل التالي نفسه وهو : مَن الذي يستطيع أن ينظم كلّ ذلك ويوزّع الأدوار ويقسّم المسئوليات وينظّم المجتمع بالنحو الذي يحصل على كلّ ما يبتغيه ويحتاجه؟
لا ريب انّه لا بدّ من وجود جهة تشرف على هذا الأمر وتقوم به ، وما هذه الجهة إلّا الحكومة والدولة لا غير.
من هنا نصل إلى هذه النتيجة القطعية : انّ المجتمع مهما وصل إليه من