الإسلام وتقويض أركانه وتوجيه الطعنة القاتلة له من خلال اعتماد نفس مفاهيم الإسلام أو نفس سلاح الإسلام ، ولذلك وجّه رسالة إلى حزبه من المنافقين يدعوهم فيها إلى التجمّع في هذه المنطقة الآمنة لتكون منطلقاً لهم في أعمالهم التخريبية ، والتحرّك منها في الفرصة المناسبة للقضاء على الإسلام وقلع شجرته الفتية من جذورها.
وهكذا بقي هذا الحزب يحيك المؤمرات ويدبّر الخطط إلى الوقت الذي كان رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يتجهّز إلى «تبوك» ، حيث أتاه جماعة من المنافقين وطلبوا منه أن يسمح لهم ببناء مسجد في محلّتهم بقباء بحجة أنّ ذوي العلّة والحاجة لا يمكنهم أن يقطعوا المسافة إلى مسجد النبي للصلاة فيه في الليلة المطيرة والليلة الشاتية ، فأوكل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر النظر في طلبهم إلى ما بعد العودة من تبوك. (١)
ولقد ذكر لنا التاريخ أسماء اثني عشر شخصاً من أعمدة حركة النفاق التي سعت في تأسيس وكر التجسّس المذكور ، منهم : «نبتل بن الحارث» والذي أُوكلت إليه مهمة التجسّس لصالح المشركين والكافرين ، و «وديعة بن ثابت» الذي يُعدّ من رءوس النفاق المعروفين لدى المسلمين.
وعلى كلّ حال لم ينتظر حزب النفاق عودة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من سفره الذي دام أربعة أشهر فبدءوا في بناء المسجد ، ومن أجل التقليل من قيمة ومنزلة مسجد «قبا» الذي بناه الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل ، أشاعوا انّ أرض المسجد كانت مربط حمار أحد النساء ، ولذلك لا يليق بالمسلمين الصلاة وأداء عبادتهم في أرض هي مربط حمار!!
وبعد أن أتمّوا بناء المسجد والإشاعة التي أثاروها ضد مسجد «قبا» حاولوا أن يحكموا خطتهم من خلال الدين أيضاً حيث اختاروا مجمع بن حارثة (جارية)
__________________
(١). راجع المغازي : ٣ / ١٠٤٦.