وجزائهم حيث قال سبحانه :
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ* فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ). (١)
ولا ريب انّ الآيات الكريمة ناظرة إلى بيان العاقبة الحميدة لتلك الطائفة من المؤمنين الذين أعملوا إرادتهم ـ وبحرية كاملة ـ في العمل الصالح ونيل تلك العاقبة الحميدة ، بمعنى أنّ عاقبة الإنسان ـ سواء كانت حميدة أو كانت سيّئة ـ مقرونة بعمله وفعله وأنّ سعادته وشقاءه مرهونان بنوع الفعل وطبيعة العمل الذي يقوم به في هذه الحياة. ومن المعلوم أنّه لا يوجد أدنى إشارة إلى حالة الجبر أو الضغط على الإنسان لاختيار طريق محدّد.
٢. الآية الثانية تشير إلى أنّ المجرمين يعلّلون سبب عاقبتهم التعيسة يوم القيامة بغلبة «الشقاء عليهم» وانّهم يعلمون بتلك العاقبة السيئة في الحياة الدنيا ، ولذلك ما كان بإمكانهم الخلاص منها والنجاة من مخالب تلك النتيجة الحتمية ، حيث قال سبحانه حاكياً عنهم قولهم :
(أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ* قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ). (٢)
والآن لا بدّ من بيان ما هو المراد من «الشقاء الدنيوي» الذي غلب على هذه
__________________
(١). هود : ١٠٦ ـ ١٠٩.
(٢). المؤمنون : ١٠٥ ـ ١٠٦.