الطائفة من الناس؟ إذ ممّا لا ريب فيه أنّ هؤلاء قد علّلوا تلك العاقبة السيئة بغلبة الشقوة عليهم في الحياة الدنيا. وهذا يقتضي منّا أن ندرس القضية بإمعان لنرى ما ذا يعنون من الشقاء الذي غلب عليهم؟ هل انّهم يرون ذلك نتيجة طبيعية لأعمالهم التي كانوا يقومون بها ، أو انّهم يرون الشقاء أمراً ذاتياً لهم وملازماً لخلقهم ووجودهم ولا علاقة له بعملهم من قريب ولا من بعيد؟
إنّ ذيل الآية الكريمة يبيّن لنا أنّهم في الواقع يعتقدون انّ هذا الشقاء أمر مكتسب وناتج عن عملهم الذي يقومون به في الحياة الدنيا وانّ عملهم هذا هو الذي أوصلهم إلى هذه النتيجة البائسة والشقاء ، حيث قال سبحانه :
(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ). (١)
ومن المعلوم أنّ طلبهم العودة إلى الحياة الدنيا ومنحهم الفرصة للعودة مرة أُخرى لتصحيح ما صدر منهم ، واعترافهم بأنّهم إن عادوا مرّة أُخرى لنفس أعمالهم السيّئة فهم مقصّرون وظالمون ، فإنّ كلّ ذلك يحكي وبوضوح تام أنّهم يرون أنّ شقاءهم وسعادتهم مرتهن بنوع العمل الذي يقومون به ، وأنّه يمثّل النتيجة الطبيعية لأفعالهم ، وأنّهم بإمكانهم تبديل مصيرهم حسب ما يشاءُون ويرغبون ، ولو كانوا يرون أنّ عاقبتهم معلولة للشقاء الذي غلب عليهم والذي لا يمكن بحال من الأحوال تغييره وتبديله ، فحينئذٍ يكون طلبهم العودة إلى الحياة الدنيا والتعهد بعدم العودة للعمل الباطل ، لغواً لا معنى له.
لأنّ المفروض أنّ صورة الخلق في الحالتين واحدة وأنّه لا خلاف بينهم في هذا القسم ، ولذلك نرى الإمام الصادق عليهالسلام يصرّح في تفسير الآية بقوله : «بأعمالهم شقوا». (٢)
__________________
(١). المؤمنون : ١٠٧.
(٢). توحيد الصدوق : ٣٥٦.