من هذا المثل يتّضح لنا أنّ الله سبحانه وضع الجميع ـ وطبقاً لمفاد الآيات ـ تحت الهداية العامة فقال سبحانه :
(إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ ...). (١)
(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ). (٢)
ثمّ شاء سبحانه أن يفيض مرّة أُخرى على الذين أدركوا الطريق واهتدوا إلى الحق واستفادوا من الهداية العامة ، بفيض وعناية وهداية خاصة ليتسنّى لهم الوصول إلى قمة هرم الإنسانية ، وقد عبّر سبحانه وتعالى عن تلك الحقيقة والنعمة الإلهية والفيض الرباني الخاص بقوله :
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ...). (٣)
انطلاقاً من هذا الأصل نرى أنّ الله سبحانه وتعالى يعتبر الهداية إحدى ثمار ونتائج جهاد الإنسان وسعيه في طريق الله سبحانه حيث قال :
(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ...). (٤)
هذا من جهة ومن جهة أُخرى تعلّقت المشيئة والإرادة الإلهية أن تترك المنحرفين والضالّين ـ الذين اختاروا طريق الانحراف والضلالة بإرادتهم ، وحرموا أنفسهم من الاستفادة من المراتب العليا للهداية العامة لحالهم وهذا ما سبب ضلالهم وانحرافهم بصورة أشدّ ، لأنّه كلّما توغّل الإنسان في الانحراف ازداد بعداً عن الحقّ ، وهكذا كلّما خطا خطوة في طريق الانحراف فلا يزيده ذلك السير إلّا بعداً عن الهدف الذي أراده الله له.
__________________
(١). الإنسان : ٣.
(٢). البلد : ١٠.
(٣). محمد : ١٧.
(٤). العنكبوت : ٦٩.