الشخصيات الصابرة وأصحاب الأعمال الصالحة والحسنة من هذه الصفات السلبية ، حيث يقول تعالى :
(... إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ* إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ). (١)
فهذا الاستثناء شاهد صدق على عدم الملازمة بين الإنسان وبين الصفات السلبية وانّها لم تخلق مع الإنسان ، لأنّ الناس في الواقع متساوون في الخلق ولا تمايز ولا تفاضل بينهم من هذه الجهة ، وإنّما تحدث تلك الحالات نتيجة طغيان الغرائز كما قلنا لدى الناس غير المؤمنين بالله سبحانه ، وأمّا المؤمنون منهم الذين استقاموا أمام المحرمات وصمدوا أمام المغريات وعوامل الانحراف ومسكوا بيدهم زمام الأُمور فإنّهم مصداق لقوله سبحانه :
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ... وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (٢) فإنّ هؤلاء منزّهون عن هذا الطغيان الغرائزي ، وإنّ غرائزهم وميولهم تسير في الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى تكامل الإنسان ورقيّه.
وبعبارة أُخرى : انّ الإنسان البعيد عن تعاليم السماء والرسالة الإلهية المفعمة بالتعاليم الروحية والمعنوية ، تجمح به غرائزه لتخلق منه إنساناً «عنوداً» «لجوجاً» «ظالماً» «حريصاً» ، وأمّا الذي يرتوي من معين السماء العذب وينهل من ذلك النبع الصافي ويخشى الله تعالى حقّ خشيته فإنّه وبلا ريب ستتحول غرائزه وميوله إلى حالة أُخرى تختلف اختلافاً جوهرياً عن سابقه ، بحيث تتحول تلك الغرائز والميول إلى عوامل تأثير إيجابي وبناء في حياته ومسيرة تكامله. (٣)
__________________
(١). هود : ١٠ ـ ١١.
(٢). العصر : ٣.
(٣). منشور جاويد : ٤ / ٢٧١ ـ ٢٧٨.