وفرقهما ان الاشاعرة التزمت بالجبر وارادوا بذلك اثبات السلطنة للبارى تعالى فوقعوا فى المحذور الآخر وهو نفى العدل عنه جلّ وعلى والمعتزلة التزمت بالتفويض وتخيلوا عدم حاجة الممكن فى بقائه الى العلة وانه يكفى فيه علة الحدوث فوقعوا فى محذور سلب السلطنة مع ان هذا التخيل فاسد لا ينبغى ان يصغى اليه بداهة ان الممكن بحسب ذاته يتساوى فيه الوجود والعدم ويحتاج فى كل آن الى ان يصله الفيض من المبدا الفياض.
لما ذهبت الاشاعرة الى تغاير الطلب والإرادة قالوا بالكلام النفسى اى قالوا ان مفهوم القرآن وساير كتب السماوى قديم وقائم بذاته تعالى الحاصل ان الأشاعرة يقولون ان فى النفس شيئا معنويا سماهم فى الاوامر والنواهى بالطلب كما قال الشاعر منهم ان الكلام لفى الفؤاد وانما جعل اللسان على الكلام دليلا اى يكون الكلام فى القلب والمراد من القلب فى المقام هو النفس الناطقة وليس المراد من القلب فى المقام الشكل الصنوبرى واستدلت الاشاعرة على مغايرتهما بان الامر اذا كان للاختيار او الاعتذار فيوجد الطلب من دون الارادة لان المراد من الارادة هو الشوق المؤكّد وليس هذا الشوق فى مقام الاختيار والاعتذار والجواب عنه يعلم من استدلالكم انه لا يكون فى المقام الارادة الحقيقية فنسلم عدم هذه الارادة ونسلم ان ارادة الحقيقة تنفك من طلب الانشائى.
قال صاحب الكفاية وان لم يكن بينا ولا مبينا فى الاستدلال المغايرة الطلب الانشائى مع الارادة الإنشائية والذى يتكفله الدليل هو الانفكاك بين الارادة الحقيقة والطلب الانشائى هذا لا يضر بدعوى الاتحاد اصلا.
قوله : ثم إنّه يمكن مما حققنا اى يقع الصلح بين الطرفين.
اى قال صاحب الكفاية يمكن الصلح بين الاشاعرة والمعتزلة وقال المصلح ان المراد من الاتحاد بينهما هو اتحاد الارادة الحقيقية والطلب الحقيقى والارادة الانشائية والطلب الانشائى والمراد من المغايرة هو ثبوتها بين الطلب الانشائى والارادة