وشيعته ممن لا ينظرون إلى ربهم ويحجبون عن الله يقول للكفار : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (١) فإذا كان الكافر يحجب عن الله والمؤمن يحجب عن الله فما فضل المؤمن على الكافر فالحمد لله الّذي لم يجعلنا مثل جهم وشيعته وجعلنا ممن اتبع ولم يجعلنا ممن ابتدع والحمد لله وحده.
التعليق :
رؤية المؤمنين لله عزوجل يوم القيامة أمر أجمعت عليه الأمة للأدلة الصريحة الكثيرة من الكتاب والسنة ولم يخالف فى هذا إلا من عميت بصائرهم من الخوارج والجهمية والمعتزلة وغيرهم (٢) متمسكين بما يرون فيه إحالة للرؤية كقول الله عزوجل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ).
يقول ابن القيم : والاستدلال بهذا أعجب فإنها من أدلة النفاة وقد قرر شيخنا ـ يقصد ابن تيمية ـ وجه الاستدلال به أحسن تقرير وألطفه وقال لى : أنا ألتزم أنه لا يحتج مبطل بآية أو حديث صحيح على باطله إلا وفى ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله ، فمنها هذه الآية وهى على جواز الرؤية أدل منها على امتناعها فإن الله سبحانه وتعالى إنما ذكرها فى سياق التمدح ومعلوم أن المدح إنما يكون بالأوصاف الثبوتية ، وأما العدم المحض فليس بكمال ولا يمدح الرب تبارك وتعالى بالعدم إلا إذا تضمن أمرا وجوديا كتمدحه بنفى السنة والنوم المتضمن كمال القيومية ... فقوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) يدل على غاية عظمته وأنه أكبر
__________________
(١) سورة المطففين / ١٥.
(٢) انظر : مقالات الإسلاميين ١ / ٢٣٨ والفصل فى الملل لابن حزم ٣ / ٢ وشرح العقيدة الطحاوية ص ٢٠٤ ، والمغنى لعبد الجبار ٤ / ٢٢٤.