ومن المؤكد : ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه ، كقول الشاعر :
والريح تعبث بالغصون وقد جرى |
|
ذهب الأصيل على (١) لجين الماء |
أي أصيل كالذهب على ماء كاللجين.
والمؤكد أوجز ، وأبلغ ، وأشدّ وقعاً في النفس ، أما أنه أوجز فلحذف أداته ، وأما أنه أبلغ فلإِيهامه أنّ المشبه عين المشبه به.
ج ـ والتشبيه البليغ : هو ما حُذفت فيه أداة التشبيه ، ووجه الشبه (٢) ، نحو :
فاقضو مآربَكم عِجالاً إنّما |
|
أعماركم سفرٌ من الأسفار |
ونحو :
عزماتهم قضبٌ وفيض أكفهم |
|
سُحُبٌ وبيضُ وجوههم أقمار |
التشبيه البليغ : ما بلغ درجة القبول لحسنه ، أو الطّيّب الحسن فكلما كان وجه الشبه قليل الظهور ، يحتاج في إداراكه إلى أعمال الفكر كان ذلك أفعل في النفس : وأدعى إلى تأثرها واهتزازها ، لما هو مركوز في الطبع ، من أن الشيء إذا نيل بعد الطلب له ، والاشتيقاق إليه ، ومُعاناة الحنين نحوه ، كان نيله أحلى ، وموقعه في النفس أجلّ وألطف ، وكانت به أضنّ وأشغف ، وما أشبه هذا الضرب من المعاني ، بالجوهر في الصدف ، لا يبرز إلا أن تشُقّهُ عينه ، وبالحبيب المتحجِّب لا يُريك وجهه ، حتى تستأذن.
وسبب هذه التسمية : أن ذكر (الطّرفين) فقط ، يوهم اتحادهما ، وعدم تفاضلهما ، فيعلو المشبه إلى مستوى المشبه به ، وهذه هي المبالغة في قوة التشبيه.
__________________
(١) الأصيل الوقت بين العصر إلى المغرب ، واللجين الفضة.
(٢) ومن التشبيه البليغ أن يكون المشبه به مصدراً مبيناً للنوع نحو : أقدم الجندي إقدام الأسد ، وراغ المدين روغان الثعلب ، ومنه أيضاً إضافة المشبه به المشبه ، نحو لبس فلان ثوب العافية ، ومنه أيضاً أن يكون المشبه به حالا نحو : حمل القائد على أعدائه أسداً.