لادِّعاء أن المشبه أتم وأظهر من المشبه به في وجه الشبه.
ويسمى ذلك (بالتشبيه المقلوب) (١) أو المعكوس ، نحو : كأن ضوء النهار جبينُه ، ونحو : كأن نشر الروض حسن سيرته ونحو : كأن الماء في الصفاء طباعه ، وكقول محمد بن وهيب الحميري (٢)
وبدا الصباح كأن غرّته |
|
وجهُ الخليفة حين يُمتدحُ |
شبه غرة الصباح ، بوجه الخليفة ، إبهاماً أنه أتم منها في وجه الشبه وكقول البحتري في وصف بركة المتوكل : كأنها حين لجَّت في تدفقها يد الخليفة لمّا سال واديها وهذا التشبيه مظهرٌ من مظاهر الإفتنان والابداع ، كقوله تعالى حكاية عن الكفار (إنما البيعُ مثل الربا) في مقام أن الربا مثل البيع عكسوا ذلك لإيهام أن الربا عندهم أحلّ من البيع ، لأن الغرض الرِّبح وهو أثبتُ وجوداً في الربا منه في البيع ، فيكون أحق بالحل عندهم.
__________________
(بالتشابه) تباعداً واحترازا من ترجيح أحد المتساويين على الآخر ، كقول أبي اسحاق الصابي.
تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي |
|
فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب |
فو الله ما أدرى أبا لخمر أسلبت |
|
جفوني أم من عبرتي كنت أشرب |
وكقول الصاحب بن عباد :
رق الزجاج وراقت الخمر |
|
فتشابها وتشاكل الامر |
فكأنما خمر ولا قدح |
|
وكأنما قدج ولا خمر |
(١) يقرب من هذا النوع ما ذكره الحلبي في كتاب حسن التوسل وسماه «تشبيه التفضيل» وهو أن يشبه شيء بشيء لفظاً أو تقديراً ، ثم يعدل عن التشبيه لادعاء أن المشبه أفضل من المشبه به ـ كقوله :
حسبت جمالها بدراً منيراً |
|
وأين البدر من ذاك الجمال |
(٢) فالحميري أراد أن يوهم أن وجه الخليفة أتم من غرة الصباح اشراقا ونورا.