والاستعارة ليست إلى تشبيهاً مختصراً ، لكنها أبلغ منه (١) كقولك : رايت اسداً في المدرسة ، فأصل هذه الاستعارة «رأيت رجلا شجاعاً كالأسد في المدرسة «فحذفت المشبه «لفظ رجل» وحذفت الأداة الكاف ، وحذفت وجه التشبيه «الشجاعة» وألحقته بقرينة «المدرسة» لتدل على أنك تريد بالأسد شجاعاً.
وأركان الاستعارة ثلاثة.
(١) مستعار منه : وهو المشبه به.
(٢) ومستعار له : وهو المشبه.
(٣) ومستعار : وهو اللفظ المنقول.
فكل مجاز يبنى على التشبيه (يسمى استعارة) ولا بُد فيها من عدم ذكر وجه الشبه ، ولا أداة التشبيه ، بل ولا بدّ أيضاً من (تناسى التشبيه) الذي من أجله وقعت الاستعارة فقط ، مع ادّعاء أن المشبه عين المشبه به ، أو أدعاء أن المشبه فرد من أفراد المشبه به الكلى «بأن يكون «اسم جنس ««أو علم جنس» ولا تتأتى الاستعارة في «العلم الشخصي» (٢) لعدم إمكان دخول شيء في الحقيقة الشخصية لأن نفس تصور الجزئي يمنع من تصور الشركة فيه ، إلا إذا أفاد العلم
__________________
(١) فأصل الاستعارة : تشبيه حذف أحد طرفيه ، ووجه شبهه ، وأداته ، ولكنها أبلغ منه ، لان التشبيه مهما تناهى في المبالغة ، فلا بد فيه من ذكر المشبه ، والمشبه به وهذا اعتراف بتباينهما ، وان العلاقة ليس الا التشابه والتداني ، فلا تصل إلى حد الاتحاد بخلاف الاستعارة ففيها دعوى الاتحاد والامتزاج ، وان المشبه والمشبه به صارا معنى واحدا ، يصدق عليهما لفظ واحد فالاستعارة (مجاز لغوي) لا عقلي ، علاقته المشابهة.
واعلم ان حسن الاستعارة «غير التخييلية» لا يكون الا برعاية جهات التشبيه وذلك بأن يكون وافياً بافادة الغرض منه ، لأنها مبنية عليه ، فهي تابعة له حسنا وقبحا.
(٢) يعني أن الاستعارة تقتضي ادخال المشبه في جنس المشبه به ، ولذلك لا تكون علما ، لان الجنس يقتضي العموم ، والعلم ينافي ذلك بما فيه من التشخص ، الا إذا كان العلم يتضمن وصفية قد اشتهر بها «كسحبان» المشهور بالفصاحة ، فيجوز فيه ذلك ، لأنه يستفيد الجنسية من الصفة نحو : سمعت اليوم سحبان ، أي خطيبا فصيحا وهلم جرا.