من كونه من باب تنزيل الشك منزلة اليقين لأن التنزيل كذلك يوجب وجود فرد من العلم التعبدي وغاية القواعد هي العلم بالخلاف ولو تعبدا.
ومن هنا ظهر ما في كلام شيخنا الأستاذ الحائري قده في الدرر وهو ان تقديم الاستصحاب على القواعد المحرزة بعد كون الموضوع فيهما الشك وتساويهما في جهة الإحراز لا وجه له لأن هذا الإشكال منه (قده) على مبنى تنزيل الشك منزلة اليقين في باب الاستصحاب غير وارد لما مر من حصول العلم تعبدا واما على مبنى جعل المماثل وتنزيل المشكوك منزلة المتيقن فله وجه لأن كل واحد من الدليلين يحكم بترتيب الأثر على المشكوك ولا ترجيح.
ثم ان له قده هنا تفصيل وهو ان الموضوع في باب الأصول وهو الشك ان كان المراد به الترديد فيكون الاستصحاب حاكما عليها لأن الشك وان كان معه بحاله ولكن يكون التقديم من باب الحكومة واما ان كان المراد به عدم وجود الطريق إلى الواقع فيكون التقديم من باب الورود لأن الاستصحاب طريق إلى الواقع.
ثم قال : فان قلت ان الاستصحاب وساير الأصول مؤمن وطريق مجعول شرعا فلما ذا يقدم الاستصحاب قلت ان الاستصحاب للكشف الّذي يكون في ذاته يكون غاية لسائر الأصول فغايته حاصلة قبل غاية الاستصحاب من هذه الجهة لأن البراءة مثلا حجة وهو حجة قبلها.
وهذا الكلام منه قده لا نفهمه (١) لأن الفرق بينهما وان كان بجهة الكشف فيه دون ساير الأصول ولكن الحجية عرضية فكيف يصير أحدهما غاية قبل الآخر فالطريق ما ذكرناه.
__________________
(١) أقول يمكن ان يكون نظره قده إلى ان الاستصحاب يكون بيانا وموضوع البراءة وغيرها من أمثالها عدم البيان فلذا لا موضوع لها معه ومع حجيته لا تصل النوبة إلى غيره فعبر عن هذا المعنى بتقديم حجيته عليها.