وقوله : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ) ، أى يقتل النساء ، وهن حرث ، كقوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٢٣] ، وفى إهلاك النساء إهلاك [النسل](١).
وقيل (٢) : أراد بالحرث : الحرث نفسه ـ وهو الزرع ، والنسل والدواب ـ يحرق الحرث ، ويعقر الدواب وكل حيوان.
وقيل (٣) : إنهم كانوا يسعون بالفساد ويعملون بالمعاصى ، فيمسك الله تعالى عنهم المطر ، فيهلك كل شىء من الناس وغيرهم.
ويحتمل (٤) : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ) ، قتل ولد آدم ، وفى إهلاكهم إهلاك كل حرث ؛ لأنهم هم الذين يحرثون ويتناسلون. والله أعلم.
وقوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ، ظاهر.
وقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ).
(قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ). عن صنيعك ، وهو السعى فى الأرض بالفساد ، حملته الحمية على الإثم تكبرا منه. قال الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم : (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) ، يقول ـ والله أعلم ـ : أعرض عنه ، واتركه وصنيعه ، فإن جهنم مصيره ومأواه.
وروى عن عبد الله بن مسعود ، رضى الله تعالى عنه ، أنه قال : «إن أبغض الناس من يقال له : اتق الله ، فيقول : عليك نفسك» (٥).
وقوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ).
يحتمل : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ) أى يهلك نفسه ، أى يبيع نفسه فى عبادة الله تعالى وطاعته. فذلك شراؤه إياها.
ويحتمل : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ) أى يبذل نفسه للجهاد فى سبيل الله ، وهو كقوله :
__________________
ـ (١ / ٤٢٨).
(١) سقط فى ط.
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه وكيع والفريابى وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم كما فى الدر المنثور (١ / ٤٢٩).
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٩٨٥) ، وابن أبى حاتم كما فى الدر المنثور (١ / ٤٢٩).
(٤) قاله ابن جريج ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٩٨٦).
(٥) أخرجه وكيع وابن المنذر والطبرانى والبيهقى فى الشعب كما فى الدر المنثور (١ / ٤٣٠).