بالتنزيل ، والكف عن التفسير. والله أعلم.
وفى الشاهد الإتيان فى العرض : ظهوره ، وفى الجسم : نقله من مكان إلى مكان ، وهو ـ جل ذكره ـ جل أن يوصف بجسم أو عرض. كذلك إتيانه لا يشبه إتيان الأجسام والأعراض ، ويكون إتيان لا يعرف كيفيته ، وكما جاز أن يكون هو مثبتا بدليل لا يشبهه عرض ولا جسم. والله أعلم.
وقوله : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ).
يحتمل وجوها :
يحتمل : أن يكون أمر الله عزوجل نبيه صلىاللهعليهوسلم ، بسؤاله إياهم عما آتاهم من الآيات ، على إثر سؤال كان منهم ، بطلب الآيات ، فقال : سلهم يا محمد كم آتيناهم (١) وأجدادهم من الآيات على يدى موسى ، فكفروا به ، ولم يؤمنوا. فأنتم ـ وإن آتيناكم آيات ـ لا تؤمنون أيضا. يخبر نبيه عليهالسلام أن سؤالهم أن كان سؤال تعنت ، لا سؤال قبول وتصديق. والله أعلم.
ويحتمل : أن يكون لا على إثر سؤال كان منهم ، ولكن على الابتداء أن سل علماء بنى إسرائيل [وأئمتهم كم آتيناهم من آية منه فجحدوها وكتموها وهو كقوله : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الشعراء : ١٩٧]](٢) الآية.
ويحتمل : (سل) ، لا على الأمر به فى التحقيق ، [لكن على التحقيق](٣) والتبيين أنك لو سألتهم لأخبروك.
أو يكون المراد من ذلك فى الذين تضيق صدورهم عند الإخبار أنهم لو جاءتهم الآيات التى سألوا عنها لا يؤمنون ، ليخبروا بذلك فتطمئن لذلك قلوبهم ، فتزول عنها الخطرات وأنواع الوساوس. والله أعلم.
وقوله : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ).
قيل (٤) : (نِعْمَةَ اللهِ) ، دين الله ، من بدله بعد ظهوره وبيانه.
وقيل (٥) : (نِعْمَةَ اللهِ) ، يعنى محمدا صلىاللهعليهوسلم ، أى : من كفر به بعد ما علم أنه رسول الله.
ويحتمل : (نِعْمَةَ اللهِ) ، النعم المعروفة التى كان آتاهم من المن ، والسلوى ، والغمام
__________________
(١) فى أ : آتينا آباءهم.
(٢) سقط فى ط.
(٣) سقط فى ب.
(٤) قاله ابن جرير بنحوه (٢ / ٣٤٥).
(٥) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ١٨٤).