تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : (أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) بأمره. وهو قول الحسن.
وقيل : (يَأْتِيَهُمُ اللهُ) ، أى أمر الله ؛ وهو كقوله : (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) [النحل : ٣٣] ، وكقوله : (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) [الأنعام : ١٥٨] على إضمار الأمر فيه.
وقيل : قوله : (فِي ظُلَلٍ) ، فى بمعنى (الباء) ، وكأنه قال : يأتيهم الله بظلل من الغمام ، وذلك جائز ـ استعمال (فى) مكان (الباء) ؛ لأنهما جميعا من حروف الخفض ، والعرب تفعل ذلك ولا تأبى.
والأصل فى هذا ونحوه : أن إضافة هذه الأشياء إلى الله ـ عزوجل ـ لا توجب حقيقة وجود تلك الأشياء منه على ما يوجد من الأجسام ، لما يجوز إضافته إلى ما لا يوجد منه تحقيق ذلك ، نحو ما يقال : جاءنى أمر فظيع ، و (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) [الإسراء : ٨١] ، وجاء فلان بأمر كذا ، وجاءكم رسول. فذكر المجىء والإتيان لا على تحقيق وجود ذلك منه ، فعلى ذلك يخرج ما أضاف الله ـ عزوجل ـ إلى نفسه من المجىء والإتيان والاستواء ، [ليس على تحقيق المجىء والإتيان والاستواء](١) منه على ما يكون من الأجسام.
وفى الشاهد أن ملوك الأرض يضيفون إلى أنفسهم ما عمل بأمرهم من غير أن يتولوها بأنفسهم. وكذلك أضاف جل ذكره أمر القيامة إلى نفسه لفضل ذلك الأمر.
ثم الأصل : أن الإتيان والانتقال والزوال فى الشاهد إنما يكون لخلتين : إما لحاجة بدت ، فيحتاج إلى الانتقال من حال إلى حال ، والزوال من مكان إلى مكان ليقضيها. أو لسآمة ووحشة تأخذه ، فينتقل من مكان إلى مكان لينفى عن نفسه ذلك. وهذان الوجهان فى ذى المكان ، والله ـ تعالى ـ يتعالى عن المكان ، كان ولا مكان فهو على ما كان. فالله ـ تعالى ـ يتعالى عن أن تمسه حاجة أو تأخذه سآمة. فبطل الوصف بالإتيان والمجىء والانتقال من حال إلى حال أو من مكان إلى مكان. وبالله التوفيق.
وقيل : إن النص قد ورد بالاستواء والمجىء ، و [ورد](٢) الخبر بالنزول ، والرؤية. ثم قد ورد السمع بأن (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، لزم نفى التشبيه فيما ورد عن ذاته ، ولزم الإقرار بما جاء من عنده من غير طلب الكيفية له والتفسير. فالسبيل فيه الإيمان
__________________
(١) سقط فى ط.
(٢) سقط فى ط.