الحيض. فأخبر ـ عزوجل ـ أنه (أَذىً). والعرب تفعل ذلك ـ ربما أن تفهم من الجواب مراد السؤال ، وربما تبين المراد فى السؤال ـ وإذا جاز أن يتبع غير وقت الأذى وقت الأذى بالاتصال [ومن بعد انقطاع الدم قبل أن تغتسل يجوز أن تتبع غير مكان الأذى مكان الأذى بالاتصال](١) ، والله أعلم ، ولا يحتمل أن يكون الأمر بالاعتزال يقع على اعتزال الأبدان والأشخاص بالاتفاق ؛ إذ كل يجمع أن له أن يمسها باليد وأن يقبلها وغير ذلك ، إلا أنهم اختلفوا فى موضع الاستمتاع :
قال أبو حنيفة ـ رضى الله تعالى عنه ـ : يستمتع بها ما فوق السرة وما تحت الركبة ، ويجتنب غير ذلك (٢).
وقال محمد ـ رضى الله تعالى عنه ـ : يجتنب شعار الدم ، على ما جاء عن عائشة ، رضى الله تعالى عنها ، أنها قالت : «يتقى شعار الدم ، وله ما سوى ذلك». ثم دل هذا
__________________
ـ ينظر : لسان العرب والقاموس المحيط (حيض) ، حاشية ابن عابدين (١ / ١٨٨) ، حاشية الدسوقى (١ / ١٦٨) ، مغنى المحتاج (١ / ١٠٨).
(١) سقط فى ط.
(٢) اتفق الفقهاء على حرمة وطء الحائض فى الفرج ؛ لقوله تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ولقول النبى صلىاللهعليهوسلم : «اصنعوا كل شىء إلا النكاح» ، وحكى النووى الإجماع على ذلك ، واستثنى الحنابلة من به شبق لا تندفع شهوته بدون الوطء فى الفرج ، ويخاف تشقّق أنثييه إن لم يطأ ، ولا يجد غير الحائض ، بألا يقدر على مهر امرأة أخرى. واختلف الفقهاء فى الاستمتاع بما بين السرة والركبة ؛ فذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والشافعية ـ إلى حرمة الاستمتاع بما بين السرة والركبة ، لحديث عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت : «كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر ثم يباشرها. قالت : وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يملك إربه؟!» ، وعن ميمونة ـ رضى الله عنها ـ نحوه ، وفى رواية : «كان يباشر المرأة من نسائه وهى حائض إذا كان عليها إزار» ، ولأن ما بين السرة والركبة حريم للفرج ، ومن يرعى حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى. وقد أجاز الحنفية والشافعية الاستمتاع بما بين السرة والركبة ، من وراء حائل. ومنعه المالكية. كما منع الحنفية النظر إلى ما تحت الإزار ، وصرح المالكية والشافعية بجوازه ولو بشهوة. ونص الحنفية على عدم جواز الاستمتاع بالركبة ، لاستدلالهم بقوله صلىاللهعليهوسلم : «ما دون الإزار» ، ومحله العورة التى يدخل فيها الركبة. وأجاز المالكية والشافعية الاستمتاع بالسرة والركبة. وقد ذكر الحنفية والشافعية حكم مباشرة الحائض لزوجها ، وقرروا أنه يحرم عليها مباشرتها له بشيء مما بين سرتها وركبتها فى جميع بدنه. وذهب الحنابلة إلى جواز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج ، فله أن يستمتع بما بين السرة والركبة ، وهذا من مفردات المذهب. ويستحب له حينئذ ستر الفرج عند المباشرة ، ولا يجب على الصحيح من المذهب ، قال فى (النكت) : وظاهر كلام إمامنا وأصحابنا : أنه لا فرق بين أن يأمن على نفسه مواقعة المحظور أو يخاف ، وصوب المرداوى أنه إذا لم يأمن على نفسه من ذلك حرم عليه ؛ لئلا يكون طريقا إلى مواقعة المحظور.
ينظر : حاشية ابن عابدين (١ / ١٩٥) ، حاشية الدسوقى (١ / ١٧٣) ، مغنى المحتاج (١ / ١١٠) ، المجموع (٢ / ٣٦٨).