بعد الاغتسال.
ويحتمل : أن تكون الآية فيما كانت أيامها دون العشر فى اللغتين ؛ إذ الغالب كان على أن الحيض لا يحيط بكل وقت ، على ما روى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لحمنة بنت جحش : «تحيّضى فى علم الله من الشهر ستا أو سبعا» (١). فعلى ذلك أنه إنما يحل قربانها بالاغتسال.
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ فى قوله : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) : إنه على ما دون العشر من المدة [بما](٢) الغالب كان على ألا يمتد إلى أكثر الوقت ولا يقصر عن الأقل ، على ما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال فى النساء : «هن ناقصات عقل ودين» (٣).
ووصف نقصان دينهن : أن تحيض إحداهن فى الشهر ستّا أو سبعا ، ووصفهن جملة بنقصان دينهن ، ثم ذكر ما بين فى التفسير عن الجملة ، ثبت أن ذلك كان الغالب فى الجملة حتى خرج عليه الجواب أنه لا يمتد إلى الأكثر ولا يقصر (٤) عن الأقل. والله أعلم.
وأيد هذا ما أخبر عن ابتداء الآية أنه الأذى ، وأمر بالاعتزال ، ثم جعل لها بعد الانقطاع قبل الاغتسال حكم الأذى ؛ فلم يجز أن يجعل الحكم لما ليس بحقيقة حكم الأذى ، فيجعل للطهر الذى هو ضده ذلك الحكم ، والله أعلم ، وبما [أنه] ليس لذلك حكم الأذى
__________________
ـ الحيض وبين أن ينقطع لأقله ، وكذا بين أن ينقطع لتمام عادتها وبين أن ينقطع قبل عادتها : فذهبوا إلى أنه إذا انقطع الدم على أكثر المدة فى الحيض ولو حكما بأن زاد على أكثر المدة ، فإنه يجوز وطؤها بدون غسل ، لكن يستحب تأخير الوطء لما بعد الغسل. وإن انقطع دمها قبل أكثر مدة الحيض أو لتمام العادة فى المعتادة بأن لم ينقص عن العادة ، فإنه لا يجوز وطؤها حتى تغتسل أو تتيمم ، أو أن تصير الصلاة دينا فى ذمتها ، وذلك بأن يبقى من الوقت بعد الانقطاع مقدار الغسل والتّحريمة فإنه يحكم بطهارتها بمضى ذلك الوقت ، ولزوجها وطؤها بعده ولو قبل الغسل. وإذا انقطع الدم قبل العادة وفوق الثلاث ، فإنه لا يجوز وطؤها حتى تمضى عادتها وإن اغتسلت ؛ لأن العود فى العادة غالب ، فكان الاحتياط فى الاجتناب ، فلو كان حيضها المعتاد لها عشرة فحاضت ثلاثة وطهرت ستة لا يحل وطؤها ما لم تمض العادة.
ينظر : حاشية ابن عابدين (١ / ١٩٥) ، حاشية الدسوقى (١ / ١٧٣) ، مغنى المحتاج (١ / ١١٠) ، المجموع (٢ / ٣٦٨) ، كشاف القناع (١ / ١٩٩).
(١) أخرجه أبو داود (١ / ٧٦ ـ ٧٧) كتاب الطهارة ، باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة (٢٨٧) ، والترمذى (١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢) كتاب الطهارة ، باب المستحاضة تجمع بين الصلاتين بغسل واحد (١٢٨) ، وابن ماجه (١ / ٢٠٣) كتاب الطهارة باب ما جاء فى المستحاضة التى قد عدت أيام أقرائها (٦٢٢).
(٢) سقط فى أ ، ط.
(٣) أخرجه البخارى (١ / ٥٣٩) كتاب الحيض ، باب ترك الحائض الصوم (٣٠٤) ، ومسلم (١ / ٨٧) ، كتاب الإيمان ، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (٨٠) عن أبى سعيد الخدرى.
(٤) فى أ : يقتصر.