فى العشر إن كان الوقت يضيق عنه فى رفع الصلاة ، فكذا فى أمر القربان. والله أعلم.
وعلى ما ذكرت من العرف ينصرف أمر الوقت : أنها لو أخرت الاغتسال عن وقت الصلاة فإن (١) للزوج أن يقربها بما لزمها من قضاء الصلاة ، وهذا النوع من الأذى لا يمنع لزوم القضاء. وحصل الخطاب على الوقت بالعرف أنهن لا يتأخرن ، وبما ذكرت عن لزوم القضاء الذى يمنعه حكم الأذى ، وبذلك صار غسل الحيض كغسل غيره من الأحداث ، وهو لا يمنع القربان. والله أعلم.
وحرم إتيان الأدبار (٢) ، بما عليه اتفاق الآثار ، وبما خص المكان بالأمر بالقربان ، وبما أمر بالاعتزال للحيض ، ولو كان يحل غشيانهن فى الأدبار لم يكن للأمر بالاعتزال معنى ؛ إذ قد بقى أحد الموضعين من المقصود بالغشيان لو احتمل. والله أعلم.
والأصل فى ذلك : أن الحل فى الابتداء لم يتعلق بقضاء الشهوات ، ولا كان هذا لها ، وإنما القضاء للشهوات خاصة الجنة ، فأما الدنيا فإنما جعلت لقضاء الحاجات ؛ إذ بها يكون بقاء النسل والأبدان ، وبها يكون قوام الأبدان ودوام الحياة إلى انقضاء الأعمار ، وركبت فيهم الشهوات لتبعثهم على قضاء تلك الحاجات ؛ إذ لو لا الشهوات لكان كل أمر من ذلك على الطباع يكون كالأدوية الكريهة والمحنة الشديدة ، فخلق الله تعالى فيهم الشهوات ليدوم ما به جرى تدبيره فى أمر العالم ، ولا تتعلق الحاجات بإتيان الأدبار. ولو أحلت لكان الحل لحق الشهوة خاصة ، والدنيا لم تخلق لها ؛ فلذلك لم تجعل بها حل مع ما لو كان يحتمل ذلك لاحتمل التناكح فى نوع ؛ فإذا لم يحتمل بان أن ذلك إنما جعل للنسل. والله الموفق.
وقال بشر : إذ حرم الغشيان للحيض بما هو أذى ، وهو يكون على ما يتقذر ، فالذى مجراه الدبر والذى منه يخرج من الأذى أوحش وأخبث ، وذلك قائم فى كل الأوقات ، كقيام الحيض فى أوقاته ، فالحرمة لذلك أشد ، ذكر بوجه ، أمكن أن يبسط ما قال على الذى وصفته. والله أعلم.
وقوله : (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ).
قيل فيه بوجوه :
__________________
(١) فى أ : كان.
(٢) اتفق الفقهاء على تحريم الإتيان فى دبر الرجال ، وهو ما يسمى باللواط ، وقد ذمه الله تعالى فى كتابه المجيد ، وعاب من فعله ، فقال : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ). وقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «لعن الله من عمل عمل قوم لوط» ثلاثا.