قيل (١) : معنى قوله : (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) : لا تأتوهن صائمات ، ولا معتكفات ، ولا مصليات.
ويحتمل : لا تأتوهن حيّضا ، ولكن (فَأْتُوهُنَ) طهرا.
وقيل (٢) : (فَأْتُوهُنَ) فى الموضع الذى أباح لكم إتيانها ، وهو القبل ، ولا تأتوهن فى أدبارهن.
ويشبه ـ إذ «حيث» يعبر به عن المكان ـ أن يكون (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) أن تبتغوا الولد ، بقوله : (وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ).
وقوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) من الذنوب.
(وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
من الأحداث والأذى.
والثانى : ممن فعل هذا قبل النزول (الْمُتَطَهِّرِينَ) أنفسهم بالتكفير ، والتواب هو الرجاع عما ارتكب ، والتارك عن العود إلى ذلك ، غير مصر على الذنب.
ويحتمل : التواب : الذى لا يرتكب الذنب.
وقوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ).
الحرث : هو الزرع. وفيه دليل النهى عن الاعتزال عنها ؛ لأن الزرع إذا ترك سدى فيضيع ويخرب.
وفيه دليل أن الإباحة فى إتيان النساء طلب التناسل والتوالد ، لا قضاء الشهوة ؛ لأنه سمى ذلك حرثا ، والحرث ما يحرث فيتولد من ذلك الولد.
وفيه دليل أن الإتيان فى غير موضع الحرث يحرم منهن ، وعلى ذلك جاءت الآثار أنها سميت اللوطية الصغرى (٣) ، ما جاء أنه نهى عن إتيان النساء فى محاشهن ، يعنى : فى أدبارهن (٤) ، وفى بعض الأخبار : إتيان النساء فى أدبارهن كفر (٥).
__________________
(١) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ١٩٧).
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٤٢٧٩ ، ٤٢٨٠ ، ٤٢٨٢) ، وعن عكرمة (٤٢٨١) ، ومجاهد (٤٢٨٣ ، ٤٢٨٤ ، ٤٢٨٥ ، ٤٢٨٦) ، وغيرهم ، وانظر الدر المنثور (١ / ٤٦٦).
(٣) فى الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أخرجه أحمد (٢ / ١٨٢ ، ٢١٠) ، والنسائى فى الكبرى (٥ / ٣٢٠).
(٤) فى الباب عن جابر بن عبد الله :
أخرجه الحسن بن عرفة فى جزئه وابن عدى والدارقطنى عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٤٧١) ، وروى عن ابن مسعود مرفوعا وموقوفا ، والموقوف أصح قاله ابن كثير نقله السيوطى فى الدر (١ / ٤٧٣).
(٥) فى الباب عن أبى هريرة مرفوعا وموقوفا. ـ