بالكتاب : ما كتب عليها من العدة حتى تنقضى تلك (١).
وفيه دليل حرمتها على الأزواج لبقية الملك ، فالخطاب للأجنبيين ، لا للأزواج ؛ إذ للأزواج الإقدام على النكاح وإن كن فى عدة منهم.
قال الشيخ ، رضى الله تعالى عنه ، فى قوله : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ) : حمل على التحريم ، وإن احتمل الذى هو بهذا المخرج غير التحريم ؛ لاتفاق الأمة على صرف المراد إليه ، ولقوله : (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) ، أى : ما كتب عليها من التربص ، ولما كان النهى عن ذلك بما لزمها العدة للزوج الأول فهى باقية بها على ما سبق من النكاح المحرّم لها على غيره ؛ فلذلك بقيت الحرمة ، ولهذا جاز لمن له العدة النكاح فيها ؛ إذ لا يجوز أن يمنع حقه. والله أعلم.
وقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).
وهو حرف وعيد ، أى يعلم ما تضمرون فى القلوب وتظهرون باللسان من التعريض ، (فَاحْذَرُوهُ) ولا تخالفوا أمره ونهيه.
وقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
فيه إطماع المغفرة وإمهال العقوبة من ارتكب النهى وخالف أمره. والله أعلم.
(وَاعْلَمُوا ..). الآية ، حذره علمه بما فى أنفسهم ، ليكونوا مراقبين له فيما أسروا [وأعلنوا](٢) ، وليعلموا أنهم مؤاخذون بما أضمروا من المعاصى والخلاف له ، وأن الذى لا يؤاخذ به العبد هو الخطر بالبال ، لا بالعزم عليه والاعتقاد.
ثم أخبر أنه (غَفُورٌ) ؛ ليعلموا أن استتار ذلك مما غفره وأنهم قد استوجبوا بفعلهم الخزى ، لكن الله بفضله ستره عليهم ليشكروا عظيم نعمه ، أو لئلا ييأسوا من رحمته فيستغفروه.
وذكر (حَلِيمٌ) ؛ لئلا يغتروا بما لم يؤاخذوا بجزاء ما أضمروا فى ذلك الوقت ، فيظنون الغفلة عنه ، كقوله عزوجل : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) [إبراهيم : ٤٢].
قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ
__________________
(١) فى أ : ذلك.
(٢) سقط فى ط.