يجب بحقها ، فجعلت واجبه بحق غيرها حتى لا يقع فى الطلاق وجوب أمر لم يكن فيما تقدم ، لو أريد بها الإمساك. ومن البعيد أن يزداد كسوة المرأة على مهرها أو نصف مهرها فى الحق. ولا قوة إلا بالله.
ثم ليس فى ظاهر الآية إبطال المهر فيما لم يسم ، ولا النصف فيما سمى. وإنما فى الأول الأمر بالمتعة ، وفى الثانى بيان أن لها نصف الفرض.
والقول : بأن نصف هذا العبد لفلان ، أو لفلان ، كذا من الحق لا يبطل عنه الحقوق جملة ، أو عن النصف لآخر بذلك القول ، بل فيه بيان ذلك أنه له وغيره متروك لدليله. ولا قوة إلا بالله.
وكذلك قوله تعالى : (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب : ٤٩] ، ليس فى ذلك أن لا عدة عليهن ، ولكن فيه أن لا عدة لهم ، ويجوز أن تكون عليها ، لا له.
وكذلك عندنا : العدة هى التى عقيب الخلوة لا يملك هو فيها إمساكها ، ويلزمه المؤن فكأنها عليه ، لا له فى المعتبر.
فلما ذكرت يبطل قول من ادعى أن القول بالمهر والعدة فيما لا مماسة فيه خلاف الظاهر ـ والله أعلم ـ مع ما لو كان فى الظاهر ذلك لأمكن أن يكون من المسيس الإمكان ، لا حقيقته. دليل ذلك : أنه لو وجدت القبلة أو المعانقة فى الملأ من الخلق لوجد المسيس فى الحقيقة ، ولم يجب به ذلك ؛ فثبت أن المراد من ذلك معنى فى المسيس ، لا ما يلحقه اسمه.
ثم الذى يؤيد أنه الإمكان والاجتماع وجهان :
أحدهما : قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٢١) [النساء] ، فأعظم عليه أخذ شىء مما آتاها بما كان من إفضاء بعض إلى بعض. والإفضاء فى اللغة معروف : أنه الانضمام ، لا المجامعة ، مع ما كانت المجامعة إلى الأزواج ، يضاف فعلها ، وفى هذا إضافة الإفضاء إلى كل واحد منهما. ثبت أنه فى معنى ذلك من كل واحد منهما نحو الذى من الآخر ، وذلك يكون فى الاجتماع خاصة. والله أعلم.
والثانى : وجود القول من خمسة من نجباء الصحابة الخلفاء ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فمن دونهم ممن لا يحتمل خفاء الآيات عليهم ، ومن شهد الخطاب أحق بفهم الحقيقة من المراد أن يسألوا عن ذلك من أن يطلعهم على حقيقته إذا كان بحيث احتمال