كانت التى وقعت الفرقة عليها بغير طلاق يلزمها ما يلزم المطلقة ، ومثل ذلك كثير مما يكثر ذكره. والله أعلم.
وأما عندنا فإنه لا تلزم المتعة ، ولكن يلزم مهر المثل لوجوه :
أحدها : قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) ، ذكر فى الطلاق قبل الدخول نصف المفروض ، وفى الدخول كل المفروض ؛ فعلى ذلك ما أوجب من الحكم فى التى لم يدخل بها ولم يسم لها مهرا دون ما أوجب فى حكم الدخول. والله أعلم.
والثانى : أن المقصود بالنكاح إنما يكون إلى موت أحد الزوجين ، فإذا كان كذلك لزم كل المسمى أو كل مهر المثل. والله أعلم.
والثالث : الخبر الذى ذكرنا : أنه قضى بمهر المثل ، وخبر أمثال هؤلاء مقبول إذا كانت البلية فى مثله بلية خاصة ، إذ بمثل هذا لا يبلى إلا الخواص من الناس ؛ لذلك كان ما ذكرنا.
وقوله : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
ذهب قوم إلى ظاهر الآية ـ أنه ذكر فيها (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) ، ولم يخص المفروض فى العقد دون المفروض بعد العقد ، فكله مفروض ، فلها نصف المفروض سواء كان المفروض فى العقد أو بعد العقد.
وعلى ذلك قال قوم : إن الرجل إذا تزوج امرأة على جارية ودفعها إليها ، فولدت عندها ولدا ، ثم طلقها قبل الدخول بها ، أن لها نصف الجارية ؛ لأن الله تعالى قال : (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) ، وأنتم لا تجعلون له نصف ما فرضتم ، فخالفتم ظاهر الكتاب.
أما الجواب لمن جعل المفروض بعد العقد كهو فى العقد فيما جعل لها نصف ما فرض ، فإن الخطاب من الله تعالى إنما خرج فى المفروض فى العقد لا فى المفروض بعد العقد ؛ [لأنه لم يتعارف الفرض بعد العقد ، فإذا لم يتعارف فى الناس الفرض بعد العقد](١) إنما يتعارف فى العقد ، خرج الخطاب على هذا المتعارف فيهم ، وهو المفروض فى العقد ، فيجعل لها نصف ذلك وما يفرض بعد العقد وإنما يفرض بحق مهر المثل ، فإذا وجد الدخول وجب ذلك ، وإلا لم يجب.
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط فى ط.