حبالتى ومنعتها من الأزواج. وتترك المرأة له النصف ، فتقول : لم ينظر إلى عورتى ، ولا تمتع (١) بى. وهو على الإفضال ، وعلى ذلك يخرج قوله تعالى : (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) ، [أن يتفضل أحدهما على الآخر بترك النصف أو بإتمام الكل ، ومعنى قوله (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)](٢) أى لا تنسوا الفضل الذى فى ابتداء الأمر ؛ لأن أمر النكاح فى الابتداء مبنى على التشفع والإفضال ، فرغبهما عزوجل على ختم ذلك على الإفضال على ما بنى عليه. والله تعالى أعلم.
وفيه دلالة على أن (العفو) هو الفضل فى اللغة ، وهو البذل ، تقول العرب : عفوت لك ، أى : بذلته. فإن كان (العفو) هو البذل فكأن قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) [البقرة : ١٧٨] ، أى ترك له وبذل ، (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة : ١٧٨] ، يكون فيه دليل لقول أصحابنا ـ رحمهمالله تعالى ـ فى ذلك.
وقوله تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى).
معناه ـ والله أعلم ـ : حق على المتقى أن يرغب فيه ، وكذا قوله : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) ، أن يرغب فيه.
ثم لإضافة ذلك إلى الرجال وجهان :
أحدهما : لما أنهم هم الذين تركوا حقهم ، ومن عندهم جاء هذا التقصير.
والثانى : أن فى تسليم ذلك من الرجال الكمال ، وهم فى الأصل موصوفون بالكمال ، ومن عندهم يستوفى ما فيه الكمال.
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ فى قوله : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) : يحتمل اشتراك الزوجين فى ذلك ، لا معنى الأخذ بالعفو والفضل أولى لمن يريد اتقاء دناءة الأخلاق ، أو أولى الفضل ممن أكرم باتقاء الخلاف لله تعالى.
ويحتمل : الأزواج بما قد ضمنوا الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان ، فهو أقرب إلى وفاء ذلك واتقاء الخلاف له ، على أن سبب الفراق جاء منه ، فذلك أقرب لاتقاء الجفاء منهم ، وأظهر للعذر لهم فيما اختاروا. والله أعلم.
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
حرف وعيد عما فيه التعدى ومجاوزة الحدود (٣) والخلاف لأمره.
__________________
(١) فى أ : تمنع.
(٢) ما بين المعقوفين سقط فى ط.
(٣) فى أ : الحد.