بالمتعة ندبا ، لا وجوبا ، على ما روى عن الحسن بن على (١) ـ رضى الله تعالى عنهما ـ أنه متع بعشرة آلاف ، على ما روى عن ابن عباس وابن عمر (٢) ، رضى الله تعالى عنهما ، أنهما قالا : إن كنت من المتقين ومن المحسنين فمتعها. فهو أمر ندب ، لا أمر إيجاب يجبر على ذلك.
وإن كانت فى المطلقة التى لم يدخل بها ولا فرض لها صداقا فهو على ما يقوله ـ وهى واجبة يجبر على ذلك ؛ فتخرج هذه الآية والتى قبلها ، قوله تعالى : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) ، على مخرج واحد ، غير أن فى إحداهما بيان قدر المتعة ، وليس فى الأخرى سوى ما ذكر.
ويحتمل وجه آخر : وهو أن الأمر بالمتعة أمر بالإنفاق عليها والكسوة لها إذا دخل بها ، ما دامت فى العدة. أو على الاختيار على ما ذكرنا ، لا على الإيجاب ؛ إذ لو كان على الوجوب لكان فى ذلك إيجاب بدلين ـ الصداق والمتعة ـ ولم يعرف عقد من العقود أوجب بدلين ؛ فكذلك هذا. والله أعلم.
والثانى : أن الطلاق سبب إسقاط ، لا سبب إيجاب. فإذا كان كذلك لم يجز أن يوجب السبب الذى هو سبب الإسقاط ؛ لذلك لم يجب. والله أعلم.
وقوله : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
ما سبق ذكره من الأحكام من الأمر بالاعتداد ، والإنفاق عليهن ، والتمتع وغير ذلك (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، أمره ونهيه.
قال الشيخ ، رحمهالله تعالى ، فى قوله : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) : أى كما يبين فى هذا يبين فى جميع ما يعلم لكم إلى بيان ذلك حاجة على قدر ما أراد من البيان ـ من بيان كفاية أو مبالغة ـ ليعلم أن جميع ما إليه بالخلق حاجة داخل تحت البيان ، يوصل إلى ذلك بقدر ما تحتمله العقول على ما يكرم الله المجاهدين فيه فى طلب مرضاته.
__________________
(١) ذكره المزى فى ترجمته فى التهذيب (٢ / ١٤٧) وهو : الحسن بن على بن أبى طالب الهاشمى أبو محمد المدنى سبط رسول الله صلىاللهعليهوسلم وريحانته. عن جده صلىاللهعليهوسلم له ثلاثة عشر حديثا ، وأبيه وخاله هند. وعنه ابنه الحسن ، وأبو الحوراء ربيعة وأبو وائل وابن سيرين. ولد سنة ثلاث فى رمضان. قال أنس : كان أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال النبى صلىاللهعليهوسلم : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» مات رضى الله عنه مسموما سنة تسع وأربعين أو سنة خمسين أو بعدها. ينظر : الخلاصة (١ / ٢١٦) (١٣٦١).
(٢) أخرجه مالك وعبد الرزاق والشافعى وعبد بن حميد والنحاس فى ناسخه وابن المنذر والبيهقى عنه بنحوه كما فى الدر المنثور (١ / ٥٥٠).