وقوله : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)
كأنهم سألوا نبيهم : ما آية ملكه؟
فقال لهم نبيهم : إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت تحمله الملائكة.
ذكر فى القصة : أن التابوت يكون مع الأنبياء ، إذا حضروا قتالا قدموا التابوت من بين أيديهم إلى العدو ، ويستنصرون به على عدوهم. وفيه سكينة ، كأنها رأس هرة فإذا أن ذلك الرأس سمع التابوت أنين ذلك الرأس دف نحو العدو ، وهم يمضون معه ما مضى ، فإذا استقر ثبتوا خلفه. فلما هربت بنو إسرائيل وعصوا الأنبياء سلط الله تعالى عليهم عدوهم ، وأخذوا منه التابوت لما سئموا وملوا ، ثم رد عليهم بعد زمان طويل ، وجعل ذلك آية من آيات ملك طالوت. فلا ندرى كيف كانت القصة.
ثم اختلف فى قوله : (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ).
قيل (١) : (سَكِينَةٌ) ، ريح هفافة ، فيها صورة كوجه الإنسان.
وقيل (٢) : السكينة لها وجه كوجه الهرة ، لها جناحان ، فإذا تصوتت عرفوا النصرة.
وقيل (٣) : السكينة : طست من ذهب من الجنة ، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء.
وقيل (٤) : (فِيهِ) ، أى : فى التابوت (سَكِينَةٌ) ، أى طمأنينة من ربكم ، كأن التابوت فى أى مكان كان اطمأنوا إليه وسكنوا.
فلا ندرى ما السكينة؟ سوى أننا عرفنا أن قلوبهم كانت تسكن إليه وتطمئن. فليس لنا إلى معرفة (السكينة) ، وكيفيتها حاجة.
وقوله : (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
قيل (٥) : «البقية» فيه رضاض الألواح ـ وهو كسرها ـ وثياب موسى ، وثياب هارون.
وقيل (٦) : عصا موسى ، وعصا هارون.
__________________
(١) قاله على بن أبى طالب ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٦٦٨ ـ ٥٦٧٤) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٦٢).
(٢) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٦٧٥ ـ ٥٦٧٨) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٦٢).
(٣) قاله ابن عباس ، والسدى ، أخرجه ابن جرير عنهما (٥٦٨٠ ، ٥٦٨١) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٥٦٢).
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن أبى حاتم وأبو الشيخ كما فى الدر المنثور (١ / ٥٦٢).
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٦٨٧ ، ٥٦٨٨ ، ٥٦٨٩) ، وعن قتادة (٥٦٩٠ ، ٥٦٩١) ، والسدى (٥٦٩٢) ، وعكرمة (٥٦٩٤ ، ٥٦٩٥).
(٦) قاله أبو صالح ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٦٩٦) ، وعن عطية بن سعد (٥٦٩٧) ، وانظر الدر المنثور ـ