فى آخرها ، فوقعت فى صدره ، فنفذته وقتله ، وقتل الحجر بعد ما نفذ جنودا (١) كثيرة ، وهزم الله جنوده. وهو قوله : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) ، والقصة طويلة فلا ندرى كيف كانت القصة وليس لنا إلى معرفتها حاجة.
وقوله : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ).
فالملك يحتمل : علم الحرب ، وسياسة القتال ؛ إذ لم يكونوا يقاتلون إلا تحت أيدى الملوك ، وهو كقوله : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [ص : ٢٠].
ويحتمل : (الْمُلْكَ) ، بما عقد له من الخلافة ؛ كقوله : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [ص : ٢٦].
وذكر : (وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) الأمرين لما كان من قرب زمانه على ما عليه ابتداء الآية أن الملك يكون غير نبى ، فجمعا جميعا له فيكون على ذلك تأويل الحكمة أنها النبوة.
(وَالْحِكْمَةَ) ، قيل : هى الفقه.
وقيل (٢) : هى النبوة. وقد تقدم ذكره.
وقوله : (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ).
قيل (٣) : صنعة الدروع ، كقوله : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) [الأنبياء : ٨٠]
وقيل (٤) : كلام الطير ، وتسبيح الجبال ، كقوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ : ١٠]. وذلك مما خص به داود دون غيره من الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام.
ويحتمل : (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) ، أشياء أخر.
وقوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)
اختلف فيه :
قال بعضهم : دفع بالكفار بعضهم ببعض شرهم عن المسلمين ، لما شغل بعضهم ببعض ، وجعل بعضهم لبعض أعداء إلى أن لم يتفرغوا عن أنفسهم للمسلمين ، وإلا كان
__________________
(١) فى أ : أناسا.
(٢) قاله السدى ، أخرجه ابن جرير عنه (٥٧٥٠).
(٣) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ٢٣٥).
(٤) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ٢٣٥).