وقوله : (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ)
يعنى لقتالهم.
وقوله : (قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ).
يقول : اصبب. ويقال : أتمم علينا صبرا.
وهكذا الواجب على كل من لقى العدو أن يدعو بمثل هذا.
وعلى قول المعتزلة لا معنى لهذا الدعاء ، لأنه قد كان فعل بهذا الأصلح.
فاستجاب الله دعاءهم ، وهزم عدوهم ؛ وهو قوله تعالى : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ)
قال بعضهم : (بِإِذْنِ اللهِ) ، بأمر الله. لكن لا يحتمل ؛ لأنهم كانوا يقاتلون بالأمر ، ولا يهزمون بالأمر.
وقال آخرون : (بِإِذْنِ اللهِ) ، بعلم الله ، كان فى علمه فى الأزل أنهم يهزمونهم.
وقيل : (بِإِذْنِ اللهِ) ، بنصر الله. وهو أقرب. والله أعلم.
وقيل فى القصة (١) : إن داود ، عليهالسلام ، كان راعيا ، وكان له سبعة إخوة مع طالوت خرجوا معه للقتال. ولما أبطأ خبر إخوته على أبيهم أرسل داود إليهم لينظر ما أمرهم ويأتيه بخبرهم. قال : فأتاهم وهم فى الصفوف. فبرز جالوت ، فلم يخرج إليه أحد. فقال : (يا بنى إسرائيل) لو كنتم على حق لخرج إلى بعضكم. فقال داود لإخوته : أما فيكم أحد يخرج إلى هذا الأقلف؟ قال : فقالوا : اسكت. قال : فذهب داود إلى طالوت ، فقال : أيها الملك ، إنى أراكم تعظمون شأن هذا العدو. ما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف؟ قال طالوت : أنكحه ابنتى ، وأجعل له نصف ملكى. فقال داود لطالوت : فأنا أخرج إليه. فلما قال داود : (أنا أخرج إليه) ، قال له طالوت : من أنت؟ قال : أنا داود بن فلان. فعرفه طالوت ، ورأى أنه أجلد إخوته. قال : فأعطاه طالوت درعه وسيفه. قال : فلما خرج داود فى الدرع جرها فى الأرض ؛ لأن طالوت كان أطول منه. قال : فأخذ داود العصا ثم خرج إلى جالوت. فمر بثلاثة أحجار ، فقلن : يا داود خذنا معك ، ففينا ميتة جالوت. فأخذها ثم مضى نحوه. وعلى جالوت بيضة هى ثلاثمائة رطل. فقال له جالوت : إما أن ترمينى ، وإما أن أرميك؟ فقال له داود : بل أنا أرميك. فرماه بها ، فأصابه
__________________
(١) أخرج ابن جرير عن ابن إسحاق (٥٧٤٣) نحو هذه القصة.