«لفلان على كرّ حنطة وكر شعير إلا نصف كر حنطة» ، أنه يصدق ويلزمه من الحنطة نصف كر. ويحتمل (١) أن يكون الثنيا (٢) على ما يليه قوله : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً).
وقيل : شرب شرب الدواب. و (الغرفة) هى شرب.
وقوله : (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ)
قيل (٣) : (القليل) هم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا اغترفوا غرفة واحدة بأيديهم ، وكانت الغرفة يشرب منها هو وخدمه ودوابه.
وقيل : إنما استثنى الغرفة باليد لئلا يكرعوا كراع الدواب ، ففعل بعضهم ذلك ، فرد طالوت العصاة منهم ، فلم يقطعوا معه ، وقطع معه الثلاثمائة والثلاثة عشر رجلا وهو قوله تعالى :
(فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ).
قيل : هو قول بعضهم لبعض : (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) ؛ لأنهم أكثر منا ، وكانوا مائة ألف ، وهو ثلاثمائة وثلاثة عشر. والله أعلم بذلك العدد.
وقوله : (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ)
قيل (٤) : الذين يعلمون ويقرون بالبعث.
(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ).
أى : عددهم.
وقيل : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ) ، يعنى يخشون أنهم يقتلون ؛ لأنهم وطنوا أنفسهم على الموت ، فطابت أنفسهم بالموت (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً).
وقوله : (بِإِذْنِ اللهِ).
قال بعضهم : (بِإِذْنِ اللهِ) ، أى بأمر الله. لكنه لا يحتمل الغلبة بالأمر ، ولكن (بِإِذْنِ اللهِ) ، عندنا : بنصر الله.
وقوله : (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
بالنصر والمعونة لهم.
__________________
(١) فى أ ، ط : ويجعل.
(٢) فى أ : الثناء.
(٣) قاله البراء بن عازب ، أخرجه البخارى (٣٩٥٧) ، وابن جرير (٥٧٢٦ ـ ٥٧٣١) ، وابن أبى شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم والبيهقى فى الدلائل كما فى الدر المنثور (١ / ٥٦٤).
(٤) قاله ابن جرير بنحوه (٢ / ٦٣٧).